باب الحلف بالأنداد
حدثنا الحسن بن على حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « من حلف فقال فى حلفه واللات فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق بشىء ».
الحلف من الأمور التي ينبغي أن تكون بالله؛ فلا يقسم إلا به سبحانه؛ لأنه أوثق ما يحلف به المؤمن ويوثق به كلامه، فيعطيه القوة والصدق
وفي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الحلف بغير الله من الأصنام وغيرها مما يشرك به مع الله، فيخبر أن من حلف بغير الله، فقال في حلفه ويمينه: واللات والعزى -وهما صنمان كانا يعبدان في الجاهلية قبل الإسلام- يكون يمينه كيمين المشركين؛ ولذلك ينبغي عليه أن يقول مستدركا على نفسه: لا إله إلا الله، تبرؤا من الشرك؛ فيشهد لله بالتوحيد؛ لأنه بقسمه أولا بغير الله قد ضاهى بحلفه الكفار؛ حيث أشرك ما حلف به مع الله في التعظيم، فتكون الشهادة نفيا لتعظيم الأصنام؛ إذ الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى، فلا يضاهى به مخلوق، وقيل: من قصد الحلف بالأصنام تعظيما لها عن عمد، فهو كافر، نعوذ بالله من ذلك، ومن قالها جاهلا أو ذاهلا، يقول: لا إله إلا الله، يكفر الله عنه، ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر، ولسانه إلى الحق، وينفي عنه ما جرى به من اللغو
ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قال لصاحبه: تعال أقامرك، بأن نلعب القمار، وهو أن يتغالب اثنان فأكثر على أن يكون بينهم مال يأخذه الغالب، ولا يخلو كل واحد منهما فيه من أن يغنم أو يغرم؛ فمن فعل ذلك فعليه أن يتصدق بشيء تكفيرا عما فعله.وقد حرم الله سبحانه القمار في كتابه المبين؛ حيث قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90]
وقد قرن القمار بذكر الحلف باللات والعزى؛ لكونهما من فعل الجاهلية
وفي الحديث: التحذير من فلتات اللسان بالحلف بغير الله
وفيه: تحريم الحلف بالأصنام والأوثان وغيرها مما يعظم من دون الله سبحانه