باب الحوالة 2
سنن ابن ماجه
حدثنا إسماعيل بن توبة، حدثنا هشيم، عن يونس بن عبيد، عن نافع
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم، وإذا أحلت على مليء فاتبعه" (2).
أَمَرَ اللهُ سُبحانه وتعالَى بِأداءِ الحقوقِ، وحذَّرَ مِن أَكْلِ أموالِ النَّاسِ بِالباطلِ، فقال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]، وتوعَّد اللهُ عزَّ وجلَّ مَنِ استدانَ أمْوالَ النَّاسِ وهو يُريدُ إتلافَها ولا يُريدُ رَدَّها.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَطْلَ الغَنيِّ ظُلمٌ، والمَطْلُ: هو التَّسويفُ والتَّأخيرُ في قَضاءِ الدَّينِ، فإذا مَاطَلَ الغنيُّ فهذا يُعَدُّ ظلمًا؛ لأنَّه قادِرٌ على السَّدادِ ورَدِّ المالِ، فلمَّا مَنَعَ المالَ وأخَذَ يُماطِلُ كان ظالِمًا، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «فَإذا أُتْبِعَ أحدُكُم على مَلِيٍّ فَلْيَتْبعْ»، والمَلِيُّ: الغنيُّ الواجدُ لِما يَقْضي به الدَّينَ، والمعْنى: أنَّه إذا كان لِأَحدِكم دَينٌ على أحدٍ، وأحالَه هذا المَدينُ على رَجلٍ غَنيٍّ، فَلْيوافِقِ الدائنُ ولْيقبَلْ تَحويلَ الدَّينِ مِن على هذا المَدينِ إلى الرَّجلِ الغَنيِّ؛ لَيَسُدَّ عنه الدَّينَ.
وهذا الخبَرُ يدُلُّ على مَعانٍ؛ منها: أنَّ مِن الظُّلمِ أنْ يَدفَعَ الغَنيُّ عن مالِه بالمَواعيدِ، فلا يَقْضي ما عليه مِن الدُّيونِ، وأمَّا مَن لا يَقدِرُ على القَضاءِ فهو غيرُ داخلٍ في هذا المعْنى؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قدْ أنْظَرَه بقَولِه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرُةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}، وفيه ما دلَّ على تَحصينِ الأموالِ.
وفي الحديثِ: الإرشادُ إلى تَرْكِ الأسبابِ القاطعةِ لاجتماعِ القُلوبِ.