باب الدعاء بالهداية والسداد
بطاقات دعوية
عن علي - رضي الله عنه - قال قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم (2). (م 8
إنَّ رَبْطَ المعاني الدِّينيَّةِ المعنويَّةِ -كالهِدايةِ وغيرِها- بالأمورِ الدُّنيويَّةِ المحسوسةِ، يَجعَلُها أوقَعَ في النَّفسِ وأثبَتَ وأقرَبَ إلى الاستيعابِ؛ لأنَّها مَبْنيَّةٌ على شَيءٍ مُشاهَدٍ مَلموسٍ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَّمه أنْ يَدْعو اللهَ ويَسألَه الهِدايَةَ والسَّدادَ، وهو دُعاءٌ مُبارَكٌ يَتضمَّنُ أهمَّ المطالِبِ الَّتي يَطلُبُها العَبدُ، ولا يُحَصِّلُ الفَلاحَ والسَّعادةَ إلَّا بهما، فالهُدَى: هو المَعرفةُ بالحقِّ تَفْصيلًا وإجْمالًا، والتَّوفيقُ لاتِّباعِه ظاهِرًا وباطِنًا. والسَّدادُ: هو التَّوفيقُ والاستقامةُ في جميعِ الأُمورِ بما يكونُ صَوابًا على الحقِّ، وهو الطَّريقُ المُستَقيمُ في القَولِ والفِعلِ والاعتِقادِ
وأوصاهُ عندَما يَدْعو بهذا الدُّعاءِ أنْ يَكونَ في ذِكرِه وخاطِرِه أنَّ المَطْلوبَ هِدايَةٌ كهِدايَةِ مَن مَشى أو سافَرَ في طَّريقٍ؛ فإنَّه لا يَنحرِفُ عنه يَمْنةً أو يَسْرةً؛ حتَّى يَسْلَمَ مِن الضَّياعِ والضَّلالِ، وبذلك يَنالُ السَّلامةَ، ويَصِلُ إلى غايتِه سَريعًا
وأمَرَه أنْ يكونَ ببالِه عندَما يَسألُ اللهَ السَّدادَ أنْ يكونَ سَدادًا كسَدادِ السَّهمِ في سُرعةِ وُصولِه وإصابتهِ للهَدَفِ، فكذلك تَسألُ اللهَ تَعالَى أنَّ ما تَنْويَه مِنَ السَّدادِ على شاكِلةِ السَّهمِ، فيكونُ في سُؤالِه طالبًا غايةَ الهُدى ونهايةَ السَّدادِ
وفي الحديثِ: أنَّ الدَّاعيَ يَنْبغي له أنْ يَهتَمَّ بدُعائهِ، ويَستحضِرَ مَعانيَ دَعواتِه في قَلبِه؛ فهذا أدْعى للقَبولِ
وفيه: ضَربُ المثالِ في مَقامِ التَّعليمِ
/ 83)