باب الدعاء في الركوع
بطاقات دعوية
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت:
كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[يُكْثرُ أنْ ] يقول (وفي روايةٍ: ما صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بعدَ أن نزَلت عليه: {إذا جاءَ نصْرُ اللهِ والفتْحُ} إلا قَالَ ) في رُكوعِه وسُجودِه:
" سبْحانَكَ اللهم ربَّنا وبحَمدِكَ، اللهمَّ اغفِرْ لي"، [يتأوَّل القرآن].
أمر اللهُ تعالَى نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَذكُرَه ويُنزِّهَه عزَّ وجلَّ عن كُلِّ ما لا يَليقُ به، وأن يطَلُبَ المغفرةَ منه سُبحانَه وتعالَى دومًا، وقد امتَثَل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك؛ فكان دائِمَ الذِّكرِ والتسبيحِ والاستغفارِ لرَبِّه.
وفي هذا الحَديثِ تُخبرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُكثِرُ أن يقولَ في حالِ رُكوعِه وسجودِه أثناءَ الصَّلاةِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ»، أي: بتَوفيقِك لي وهِدايتِك وفَضلِك علَيَّ سبَّحتُك لا بَحْولِي وقُوَّتي، ولأنَّك مَوصوفٌ بصِفاتِ الكَمالِ والجَلالِ سبَّحَك المُسبِّحون، وعظَّمَك المُعظِّمون، أُنزِّهُك تَنزيهًا عن كلِّ نقصٍ وعيْبٍ، ويكونُ مَقرونًا بحَمدِك كما أمَرتَ، فالتَّسبيحُ هو التَّنزيهُ، وسُبحانَك، أي: بَراءةً وتنزيهًا لك مِنْ كُلِّ نَقْصٍ. ويقال: إنَّ التسبيحَ مأخوذٌ مِن: سَبَح الرَّجُلُ في الأرضِ؛ إذا ذهَب فيها، فيكونُ التَّسبيحُ على هذا المعنى بمعنى التعجُّبِ مِن المبالغةِ في الجَلالِ والعَظَمةِ والبُعدِ عن النَّقائِصِ.
ثم يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اللَّهُمَّ اغفِرْ لي» يعني: امْحُ عنِّي ذَنْبي، وكان استِغفارُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شُكرًا للهِ وطَلبًا لرَحمتِه وفَضْلِه، ولعلَّ مَقصودَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ذلك تَعليمُ أُمَّتِه التَّوبةَ مِن الذُّنوبِ وطلَبَ المَغفرةِ مِن اللهِ؛ لأنَّ اللهَ قد غفَرَ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنْبِه وما تأخَّرَ.
وتُخبرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان بذلك يَتأوَّلُ القرآنَ، يعني: يَفْعَلُ ما أُمِر به فيه، فيَتأوَّلُ ما جاءَ في القُرآنِ مِن الأمْرِ بالتَّسبيحِ والاستِغْفارِ في نحوِ قولِه تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النَّصْر: 3].
وفي الحَديثِ: الدُّعاءُ في الرُّكوعِ والسُّجود.