حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك»: هذا حديث حسن غريب من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقد روي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه
على المسلم أن يَبتعِدَ عن الحِرْصِ وطولِ الأمَلِ اللَّذَين يَشغَلانِ الإنسانَ بالدُّنْيا عَن الآخرةِ؛ وذلك لِقلَّةِ عُمرِ تلك الأمَّةِ عمَّن سبَقَها مِن الأممِ السَّابقةِ، كما يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا: "أعمارُ أمَّتي ما بينَ السِّتِّينَ إلى السَّبْعين"، أي: إنَّ آجالَ أغلَبِهم تَنْتهي إلى ما بينَ السِّتِّين عامًا إلى السَّبعين عامًا، "وأقَلُّهم مَن يُجوِّزُ ذلك"، أي: يتَجاوَزُ السَّبْعين فما فوقَ حتَّى يتَعدَّى مِئةَ عامٍ، وهذا حُكمٌ بالنَّظرِ إلى مجموعِ أفرادِ الأمَّةِ، دون أشخاصٍ بأعيانِهم؛ لأنَّ في الأمَّةِ مَن لا يَبلُغُ أحَدَ الحَدَّين، ومِنها مَن يُجاوِزُ ذلك؛ ولذا ورَد أنَّه قد أعذَر اللهُ مَن بلَغَ هذه السِّنَّ، أي: أقام العُذرَ في تَطويلِ العمرِ، وأبانه له؛ فلم يَبقَ له عُذرٌ ولا حُجَّة؛ لأنَّه اقتربَ من الموتِ، ورُوي أنَّ هذه السِّنَّ هي المرادُ مِن قولِه: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّر} [فاطر: 37]، وفائدةُ الإخبارِ بهذا حثُّ مَن بلَغ إليها أن يتَزوَّدَ للمَعادِ والآخِرةِ، ويتَخفَّفَ مِن مُراداتِ الدُّنيا.