باب الرجاء 22
بطاقات دعوية
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه عليه، فيقرره بذنوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: رب أعرف، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته». متفق عليه. (1)
«كنفه»: ستره ورحمته
رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، ورحمته في الآخرة أضعاف ما جعله في الدنيا، وتكون لعباده المؤمنين، ولها صور متعددة، ومنها ستره سبحانه لعباده المؤمنين عند الحساب
وفي هذا الحديث يذكر التابعي صفوان بن محرز المازني أنه كان يسير مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما آخذا بيديه، إذ ظهر له رجل، وسأله عن النجوى، والنجوى هي إسرار الواحد بالكلام مع آخر على انفراد، والمراد بها هنا: ما يقع بين الله تعالى وبين عبده المؤمن يوم القيامة، وهو فضل من الله تعالى، حيث يذكر المعاصي للعبد سرا. فذكر ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله تعالى يدني المؤمن، أي: يقربه إليه يوم القيامة؛ ليكلمه ويعرض عليه ذنوبه فيما بينه وبينه، فيضع عليه كنفه، والكنف في اللغة: الستر والحرز والناحية، ويستره، أي: يستر عبده عن رؤية الخلق له؛ لئلا يفتضح أمامهم فيخزى، ويكلمه فيها سرا فيقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيذكره بما فعله في الدنيا في لطف وخفاء، حتى إذا قرره بذلك واعترف بذنوبه، وتيقن أنه داخل النار لا محالة إلا أن يتداركه عفو الله؛ يقول الله عز وجل له: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم.
أما الكافر والمنافق في عقيدته، فيقول الأشهاد -وهم الحاضرون من الملائكة والنبيين والجن والإنس-: {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} [هود: 18]، أي: هؤلاء الذين كفروا ونسبوا إلى الله ما لا يليق به من الشريك والولد والزوجة، وغير ذلك، {ألا لعنة الله على الظالمين}، أي: ألا سخط الله الدائم وإبعاده من رحمته، على المعتدين الذين وضعوا العبادة في غير موضعها
وفي الحديث: إثبات صفة الكلام لله عز وجل على ما يليق بجلاله