باب الرجل يستأذن بالدق
حدثنا يحيى بن أيوب - يعنى المقابرى - حدثنا إسماعيل - يعنى ابن جعفر - حدثنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن نافع بن عبد الحارث قال خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلت حائطا فقال لى « أمسك الباب ». فضرب الباب فقلت « من هذا ». وساق الحديث. قال أبو داود يعنى حديث أبى موسى الأشعرى قال فيه فدق الباب.
من الوسائل التي تساعد الإنسان على التوبة -مع الندم على الفعل، والإقلاع التام عن المعاصي-: الحرص على مضاعفة الأعمال الصالحة وتكثيرها حتى تغلب على حياته وقلبه، ومن أعظم هذه الوسائل التي تكفر السيئات: الصلاة
وفي هذا الحديث يحكي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة"، معنى عالجها أي: داعبها واستمتع بها كما يفعل الرجل مع امرأته، "في أقصى المدينة" في أطرافها، "وإني أصبت منها ما دون أن أمسها"، المراد بالمس الجماع، ومعناه استمتعت بها بالقبلة والمعانقة وغيرهما من جميع أنواع الاستمتاع إلا الجماع، "وها أنا، فاقض في بما قضيت" يعني: أنا حاضر بين يديك، ومنقاد لحكمك، فاحكم بما ترى، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "فقال له عمر: لقد سترك الله"، أي: أخفى فعلك عن الناس، ولم يظهره لهم مع علمه سبحانه به؛ "لو سترت على نفسك"، أي: لكان حسنا لو كنت سترت نفسك ولم تظهر فعلك، وكنت تبت بينك وبين الله، "فلم يرد عليه شيئا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، يعني لم يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم، انتظارا لقضاء الله فيه، "فانطلق الرجل"، أي: فذهب ظنا منه لسكوته عليه الصلاة والسلام أن الله سينزل فيه شيئا، وأنه لا بد أن يبلغه، فإن كان عفوا شكر، وإلا عاد ليستوفي منه، "فأنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: {وأقم الصلاة}... الآية، وهي قوله تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} [هود: 114]؛ فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه"، يعني: لما نزلت الآية التي فيها حكمه أرسل خلفه رجلا ليعود، "فتلا عليه: {وأقم الصلاة}... الآية"، أي: قرأ عليه قوله تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114]، ومعناها: صل الصلوات التي تكون في طرفي النهار، وهما الصبح والظهر وصل الصلاتين اللتين تكونان في أول الليل وهما المغرب والعشاء؛ فإن الحسنات من الصلوات وسائر الطاعات يكفرن السيئات، وهي صغائر الذنوب، بخلاف الكبائر فإنها تحتاج إلى توبة خاصة منها، "فقال رجل من القوم: هذا له خاصة" يعني: هل هذا الحكم بإذهاب الحسنات للسيئات خاص به وحده، أم عام له ولغيره؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل للناس كلهم عامة"، أي: يعمهم جميعا، وهو منهم
وفي الحديث: إرشاد إلى التستر بستر الله وعدم إظهار المعاصي
وفيه: بيان سعة فضل الله على عباده، حيث جعل لهم الطاعات تكفيرا للذنوب والمعاصي