باب الرخصة في الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ 2
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سعيد بن يزيد الأحمسي، قال: حدثنا الشعبي، قال: حدثتني فاطمة بنت قيس، قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: أنا بنت آل خالد، وإن زوجي فلانا أرسل إلي بطلاقي، وإني سألت أهله النفقة والسكنى فأبوا علي، قالوا: يا رسول الله، إنه قد أرسل إليها بثلاث تطليقات، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة»
لَمَّا جاء الإسلامُ هَذَّب عَلاقةَ الرَّجلِ بالمرأةِ؛ مِن حيثُ الزَّواجُ والطَّلاقُ، والحقوقُ والواجباتُ، وغيرُ ذلك، ووَضَع لهذه العَلاقةِ شُروطًا وضوابِطَ تَستقيمُ بها المعاشَرَةُ، وتَسيرُ عليها حركَةُ الحياةِ، ويَحفَظُ لكلٍّ حُقوقَه عند الآخَرِ. ... وفي هذا الحديثِ تقولُ فاطِمةُ بنتُ قَيسٍ رضِيَ اللهُ عَنها: "أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقُلتُ: أنا بنتُ آلِ خالِدٍ، وإنَّ زَوجِي فلانًا"، وهو أبو عَمرِو بنُ حَفصٍ؛ كما جاء في بَعضِ الرِّواياتِ، "أَرسَلَ إليَّ بطَلاقي"، أي: طَلَّقها وهو غائِبٌ عنها، "وإنِّي سألتُ أهلَه النَّفَقةَ والسُّكْنى"، أي: طلَبْتُ منهم أنْ يُنفِقوا عليها ويُسكِنُوها في مُدَّةِ العِدَّةِ، "فأبَوا عليَّ"، أي: امتَنَع أهلُه أنْ يُقدِّموا لها نَفقةً أو سُكْنى، وقال أهلُ زَوجِها: "يا رسولَ اللهِ، إنَّه قد أَرَسل إليها بثلاثِ تَطليقاتٍ"، وهذا بيانٌ إلى أنَّها قد حُرِّمَتْ عليه حتَّى تَنكِحَ زَوجًا غيرَه، وأنَّها قد بانَتْ منه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّما النَّفَقةُ والسُّكنَى للمَرأةِ، إذا كان لزَوجِها عليها الرَّجعةُ"، أي: إنَّ حَقَّ النَّفَقةِ والسُّكْنى يكونُ للمرأةِ الَّتي قد طُلِّقَتْ طَلقةً أو طَلقتَين لا ثلاثًا، فعلى زَوجِها رِعايتُها فَترةَ عدَّتِها؛ لأنَّه أحَقُّ برَجعَتِها في تلك الفَترةِ، أمَّا الثَّلاثُ فهي تَقطَعُ وُصْلَةَ النِّكاحِ
وفي الحديثِ: بيانُ ما تَستحقُّه المُطلَّقةُ طلاقًا رجعيًّا مِن النَّفقةِ والسُّكنَى، وأنَّ المبتوتةَ ثلاثًا لا نَفقةَ لها ولا سُكنَى