الكلام في الصلاة 5
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار، قال: حدثنا ابن أبي غنية واسمه يحيى بن عبد الملك، والقاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن كلثوم، عن عبد الله بن مسعود، وهذا حديث القاسم، قال: كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فأسلم عليه فيرد علي، فأتيته فسلمت عليه وهو يصلي فلم يرد علي، فلما سلم أشار إلى القوم، فقال: «إن الله عز وجل ـ يعني ـ أحدث في الصلاة أن لا تكلموا إلا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين»
إذا وقَف المصلِّي بين يدَيِ اللهِ تعالى، فينبغي عليه أن ينشَغِلَ به سبحانَه عمَّا سِواه، ولا يَلتفِتَ إلى غيرِه
وفي هذا الحديثِ يَقولُ ابنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنْه: "كنَّا نُسلِّمُ في الصَّلاةِ"، أي: كنَّا نُلْقي السَّلامَ على المصلِّي فيَرُدُّ علينا، "ونَأمُرُ بحاجَتِنا"، أي: نَطلُبُ ممَّن حولَنا فِعلَ شيءٍ، ونحنُ في الصَّلاةِ فيَفعَلُ، "فقَدِمتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وهو يُصلِّي"، أي: بعدَ رُجوعي مِن الحبَشةِ، "فسَلَّمتُ عليه، فلم يَرُدَّ علَيَّ السَّلامَ، فأخَذَني ما قَدُم وما حَدُث"، أي: جعَلتُ أفكِّرُ فيما قدَّمتُ مِن أعمالٍ وما أخَّرتُ كانت سببًا في عدَمِ ردِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الصَّلاةَ قال: إنَّ اللهَ يُحْدِثُ مِن أمرِه ما يَشاءُ"، أي: يأمُرُ عِبادَه بما شاء، فيَمْحو ما يَشاءُ ويُثبِتُ ما يَشاءُ، "وإنَّ اللهَ جلَّ وعزَّ قد أحدَثَ مِن أمرِه ألَّا تَكلَّموا في الصَّلاةِ"، أي: أمَرَنا بعدَمِ الكلامِ أثناءَ الصَّلاةِ بعدَ أن كُنَّا نتكَلَّمُ فيها، قال: "فرَدَّ عليَّ السَّلامَ"، أي: بعدَ أن صلَّى وبيَّن له الأمرَ
وفي الحديثِ: بيانُ لبعضِ النَّسخِ الذي وقَعَ في الصَّلاةِ