باب الرخصة في عدم الوضوء مما غيرت النارِ 5
سنن ان ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار
أخبرنا سويد بن النعمان الأنصاري: أنهم خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء صلى العصر، ثم دعا بأطعمة، فلم يؤت إلا بسويق فأكلوا وشربوا، ثم دعا بماء، فمضمض فاه، ثم قام فصلى بنا المغرب (2).
حَرَصَ الصَّحابَةُ على التَّعلُّم ِمِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كُلِّ مَكانٍ اجتَمَعوا معه فيهِ، فتَعلَّموا ما يَحتاجونَ في عِبادَتِهم مِن تَيسيرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الأُمَّةِ، ونَقَلوهُ لِمَن بَعدَهُم، فَرَضيَ اللهُ عنهم جَميعًا.
وفي هذا الحَديثِ يحكي الصَّحابيُّ سُوَيْدُ بنُ النُّعمانِ الأنصاريُّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّهم خَرَجوا مَع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى غزْوِ خَيبرَ، وذلك سَنةَ سَبعٍ مِنَ الهِجرةِ، وخَيبرُ: مَدينَةٌ كبيرَةٌ لليهودِ، وكانت ذاتَ حُصونٍ ومَزارِعَ على بُعدِ 170 كيلو تقريبًا منَ المَدينَةِ إلى جِهَةِ الشَّامِ، فَلمَّا كانوا بِالصَّهباءِ -قالَ يَحيى بنُ سَعيدٍ يَصِفُ المَكانَ، وهوَ أحدُ رُواةِ الحَديثِ: وَهيَ مِن خَيبرَ على «رَوحَةٍ» وَهيَ مِن زَوالِ الشَّمسِ إلى آخِرِ النَّهارِ، والمعنى: قَطعُ مَسافتِها يحتَمِلُ سَيرَ هذه المدَّةِ مِنَ الزَّمَنِ- طَلبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طَعامًا، فَما جاءه إلَّا سَويقٌ، وَهيَ أكْلةٌ مِن قَمحٍ أوْ شَعيرٍ يُقلى على النَّارِ، ثُمَّ يُطحَنُ، فمَضَغوهُ، وأكَلوا مِنه، ثُمَّ دعا بِماءٍ، فمَضمضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَمَه الشَّريفَ مِن أثَرِ السَّويقِ، وَمضْمَض الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم، فصَلَّى بِنا المَغرِبَ ولَمْ يَتوضَّأْ من أكلِ السَّويقِ، وهو إشارةٌ إلى نَسْخِ حُكمِ الوُضوءِ مِمَّا مَسَّت النَّارُ.
وفي الحَديثِ: الاكتفاءُ بالمضمضةِ بعْدَ أكْلِ ما أُنْضِجَ بالنَّارِ وعدَمُ الوُضوءِ.
وفيه: بَيانُ تَيسيرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على النَّاسِ بحَسَبِ اختلافِ الأحوالِ.