باب السهو في الصلاة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، حدثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة
عن عبد الله، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزاد أو نقص- قال إبراهيم: والوهم مني- فقيل له: يا رسول الله، أزيد في الصلاة شيء؟ قال: إنما أنا بشر، أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكمفليسجد سجدتين وهو جالس" ثم تحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد سجدتين (1).
الصَّلاةُ عِبادةٌ رُوحيَّةٌ، وفيها يَقِفُ العبدُ بيْن يَدَيْ ربِّه سُبحانَه وتعالَى، ويَلْزَمُ فيها الخُشوعَ والتَّدبُّرَ وعدَمَ الانشغالِ بأحوالِ الدُّنيا، ولكنَّ الإنسانَ قدْ يَسْهو فيها، فيَنقُصُ أو يَزيدُ في بَعضِ أفعالِها، وهذا السَّهوُ يَحتاجُ إلى ما يَجْبُرُه، وقدْ شرَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَجدَتَيِ السَّهوِ لمِثلِ ذلك.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بهم صَلاةَ الظُّهرِ، فسَهَا فزاد أو نَقَص منها -وهذا شَكٌّ مِن أحَدِ الرُّواةِ، وفي روايةٍ في الصَّحيحينِ أنَّه صلَّى الظُّهرَ خَمْسَ ركَعاتٍ-، ثمَّ سَلَّم بعد أن أتم الصَّلاةَ، فسَأَله الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم لَمَّا سلَّم: «يا رَسولَ الله، أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ»، أي: نُسِخَ عَدَدُ ركعاتِها، أم أن ما حدث كان نِسيانًا منك؟ فسَأَلهم: «وما ذاك؟» وهو سُؤالُ مَن لم يَشعُرْ بما وَقَع منه، ولا يَقينَ عِندَه ولا غَلَبةَ ظَنٍّ، وهو خِلافُ ما عندَهم، قالوا: «صَلَّيتَ كَذا وكذا» كِنايَةً عمَّا وَقَع؛ إمَّا زائِدًا على المعْهودِ أو ناقِصًا منه.
وفي روايةِ الصَّحيحينِ أنَّه قالَ لأصحابه: «إنَّه لو حَدَثَ في الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ به، ولَكِنْ إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أنْسَى كما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي»، فلمَّا تأكَّد أنَّه سها في الصَّلاةِ زيادةً أو نَقصًا، توجَّه إلى القِبلةِ -وأتمَّ الصَّلاةَ إن كان قد نَقَص منها-، ثمَّ «سَجَد بهمْ سَجْدتَيْن، ثُمَّ قال: هاتانِ السَّجْدتانِ لِمَنْ لا يَدرِي زاد في صَلاتِه أمْ نَقَص، فيَتحرَّى الصَّوابَ» بأنْ يَجتهِدَ في تَحقيقِ الحقِّ، أو يَأخُذَ بالأقلِّ، «فيُتِمُّ ما بَقِيَ» عليه، «ثُمَّ يَسجُدُ سَجْدتَيْن»؛ للسَّهْوِ بعد إتمامِه للصَّلاةِ.
ولعلَّ مِن حِكَمِ اللهِ تعالَى في تَقديرِ سَهوِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: تَعليمَ أُمَّتِه كيْف تَصنَعُ إذا سهَا الإمامُ في الصَّلاةِ.
والمقصودُ مِن الحديثِ: أنَّ مَنْ سَها في صَلاتِه وزادَ فيها وسَلَّمَ وهو ناسٍ، ثمَّ ذَكَر بعْدَ سَلامِه؛ فإنَّه يَستقبِلُ القِبلةَ ويَسجُدُ للسَّهْوِ؛ فإنَّ سُجودَ السَّهْوِ مِن تَمامِ الصَّلاةِ، ولو كان بعْدَ السَّلامِ، ويُشترَطُ له استِقبالُ القِبلةِ كالصَّلاةِ.
وفي الحَديثِ: وُقوعُ السَّهوِ مِن الأنبياءِ عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الأفعالِ، وهذا غيرُ مُخِلٍّ بمَقامِ النبوَّةِ أو بشَيءٍ مِن الشَّريعةِ.
وفيه: أنَّ سُجودَ السَّهوِ سَجْدتانِ.