باب الصلاة بجمع
حدثنا الحسن بن على حدثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء قال حدثنى جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر ».
لقد رفع الله عز وجل الحرج عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا ما اجتهدوا في تحديد مواقيت أو أماكن الشعائر، وهذا تيسير منه سبحانه على الأمة. وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وفطركم يوم تفطرون"، أي: إن الصوم والفطر مع جماعة المسلمين وأغلبهم، "وأضحاكم يوم تضحون"، أي: وكذلك أضحيتكم في عيد الأضحى يلزم فيها الجماعة، والمراد بأضحاكم: العيد الذي تضحون فيه، ويفهم أيضا من معنى هذا الحديث أن الخطأ في حساب الأهلة موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض ولا شيء عليهم من وزر أو إثم، وكذلك في الحج إذا أخطؤوا في تحديد الهلال، ومن ثم يقع الخطأ في يوم عرفة؛ فإنه ليس عليهم إعادته ويجزئهم أضحاهم كذلك؛ وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده
"وكل عرفة موقف"، أي: يصح الوقوف بأي مكان في عرفة فكله موقف، ويجزئ صاحبه ولا يختص فيه مكان بعينه، "وكل منى منحر"، أي: وكذلك ذبح الهدي ففي كل منى، ولا يختص فيها مكان بعينه، ومنى: واد قرب الحرم المكي، ينزله الحجاج؛ ليرموا فيه الجمار.
"وكل فجاج مكة"، أي: طرقها الواسعة، "منحر"، أي: بل إن مكة كلها يذبح في أي موضع منها الهدي، "وكل جمع موقف"، أي: والمزدلفة كلها موقف لا يختص في الوقوف فيها مكان بعينه، وسميت المزدلفة بجمع؛ لأن الناس يجتمعون بها