باب الصلاة في الثوب الأحمر
بطاقات دعوية
عن أبي جُحَيفة قالَ: رأيت (وفي روايةٍ: دُفِعتُ إلى ) رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[وهو بالأَبطحِ، وفي طريقٍ: البَطْحاءِ 4/ 165] في قُبَّةٍ حمراءَ من أَدَمٍ، [كان بالهاجرة] ورأيت بِلالاً أخذ (وفي روايةٍ: خرج فنادى بالصلاة، [فًجعلت أَتتبَّعُ فاه ههنا وههنا بالأَذان ]، ثم دخل، فأخرج فضل) وَضوءَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورأيت الناسَ يَبتدِرونَ ذاكَ الوَضوء، فمنْ أصاب منهُ شيئاً تمسَّحَ به، ومَن لمْ يصِبْ منه شيئاً أخذَ من بَلَل يدِ صاحبه، ثم رأيت بلالاً [دخل، فـ] أَخذ (وفي روايةٍ: أخرج الـ) عَنَزَة فرَكزها [بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقام الصلاة]، وخرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حُلةٍ حمراءَ مُشَمِّراً، [كأني أنظر إلى وَبيص ساقيه]، فركَّز العَنَزَةَ، ثم صلَّى إلى العَنَزَة بالناسِ [الظهر ركعتين، والعصرَ] ركعتَين] ورأيتُ الناسَ والدَّوَابَّ (وفي روايةٍ: الحمار والمرأة) يَمُرُّون بينَ يدي العنزةِ، [وقامَ الناسُ، فجعلوا يأخذون يَدَيه فيمسحون بهما (*) وجوهَهُم، قالَ: فأخذت بيده فوضعتُها على وجهي، فإذا هي أبردُ من الثلجِ، وأطيب رائحةً من المسك".
الصَّلاةُ صِلةٌ بينَ العبدِ وربِّه؛ يقِفُ فيها المصلِّي مُناجيًا ربَّه وهو مُتوجِّهٌ إليه، وقد أمَر الشَّرعُ بالخُشوعِ فيها وعدَمِ الانشِغالِ، ووضَع ضَوابِطَ ذلك للمصَلِّي ولِمَن هو خارِجَ الصَّلاةِ؛ حتَّى لا تَنقطِعَ الصَّلاةُ أو يَنقطِعَ الخشوعُ بفعلِ أيٍّ منهما.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو جُحَيْفةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رأَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَيْمةٍ حمراءَ مِن أَدَمٍ، وهو الجِلدُ المَدبوغُ، وأنَّ بلالًا رَضيَ اللهُ عنه أخَذَ ببقيَّةِ ماءٍ توضَّأ منه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ النَّاسُ يَتسارَعون ويَتسابَقون إلى أخْذِ ماءِ وُضوئِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ تبرُّكًا بآثارِه الشَّريفةِ، وهذا التبرُّكُ خاصٌّ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّ الصَّحابةَ لم يَتبرَّكوا بغَيرِه ممَّن بعْدَه مِن الأولياءِ والصَّالِحينَ ونحوِهم؛ وذلك لِمَا جعَل اللهُ فيما مَسَّه مِن البَرَكةِ والخَيرِ. فمَن أخَذ مِن هذا الماءِ تَمسَّح به، ومَن لم يَتحصَّلْ مِن هذا الماءِ على شَيءٍ أخَذ ممَّا على يدِ صاحبِه مِن بلَلٍ بماءِ وُضوءِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.ثمَّ أخْبَر أبو جُحَيْفةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّه رأى بلالًا أخَذَ عَنَزةً، وهي عصًا مِثلُ نِصفِ الرُّمْحِ أو أكبرُ، لها سِنانٌ كسِنانِ الرُّمحِ، وثَبَّتها في الأرضِ؛ لتَكونَ سُترةً أمامَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَؤُمُّ الناسَ في الصَّلاةِ؛ لأنَّه كان يُصلِّي في الفضاءِ، وخرَج رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حُلَّةٍ حمراءَ، والحُلَّةُ بُرْدانِ: إزارٌ ورداءٌ يَمانيانِ مَنسوجانِ بخُطوطٍ حُمرٍ مع سُودٍ أو خُضرٍ، ولا تُسمَّى حُلَّةً حتَّى تَكونَ ثَوبَينِ، وصلَّى إلى العَنَزةِ، فجعَلَها سُترةً، وكان الناسُ والدَّوابُّ يَمُرُّون مِن بينِ يدَيِ العَنَزةِ، أي: أمامَها -كما جاءَ في روايةٍ أخرى، بحيثُ تكونُ العصا حاجزةً للنَّاسِ عن المرورِ أمامَ الإمامِ مباشرةً.وتُتَّخذُ السُّترةُ مِن العصا ونحوِها مِن الأشياءِ المرتفعةِ عن الأرضِ، خاصَّةً لِمَن يُصلِّي في فضاءٍ مِن الأرضِ، أمَّا الصَّلاةُ في المسجدِ أو أمامَ الحوائطِ والسَّواري فإنَّ تلك الأشياءَ تكونُ سُترةً له.