باب الغراب
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا الأنصاري، حدثنا المسعودي، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن أبيه عن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحية فاسقة، والعقرب فاسق، والفأرة فاسقة، والغراب فاسق".
فقيل للقاسم: أيؤكل الغراب؟ قال: من يأكله بعد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاسق؟ " (1)
حرَص الإسلامُ على كلِّ ما يَحفظُ على المرْءِ حياتَه وأموالَه مِن التَّلَفِ؛ ومن ذلك أنَّه أقرَّ قتْلَ بعضِ الحيواناتِ والطُّيورِ؛ لِما تُسبِّبُه مِن أذًى وضررٍ على النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ رَضي اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "الحيَّةُ فاسِقةٌ"، وهي الثُّعبانُ، ومعنى كَونِها فاسِقةً: خُروجُها عن حُكمِ غيرِها بالإيذاءِ والإفسادِ وعدمِ الانتِفاعِ، ويُباحُ قتْلُها، "والعقرَبُ فاسِقةٌ"، وهي نوعٌ مِن الزَّواحفِ السَّامَّةِ، وتُقتَلُ لأنَّها كما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما تدَعُ المصلِّيَ وغيرَ المصلِّي، اقتُلوها فى الحِلِّ والحرَمِ"؛ أخرجه ابنُ ماجَه، "والفأرةُ فاسِقةٌ"؛ لخُروجِها مِن جُحرِها على الناس وإفسادِها، وقيل: أراد بتفسيقِها تحريمَ أكلِها، "والغُرابُ فاسِقٌ"، وفي روايةِ مُسلمٍ: "والغرابُ الأبْقَعُ"، وهو الَّذي فيه سَوادٌ وبياضٌ، وقد أخَذ بهذا القيْدِ طائفةٌ من العلماءِ، وقيل: إنَّ الرِّواياتِ المطلقَةَ أصحُّ.
قال عبدُ الرَّحمنِ بنُ القاسِمِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ- راوي الحديثِ-: "أيؤكَلُ الغُرابُ؟"، أي: هل يصِحُّ أكْلُه؟ فقال القاسِمُ: "مَن يأكُلُه بعدَ قولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فاسِقًا؟!"، أي: إنَّه عَدَّه مِن الفَواسِقِ الَّتي لا تؤكَلُ.