باب القراءة خلف الإمام 6
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا معاوية ابن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني
عن أبي الدرداء، قال: سأله رجل فقال: أقرأ والإمام يقرأ؟ قال: سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفي كل صلاة قراءة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" فقال رجل من القوم: وجب هذا (2).
الصَّلاةُ هي الرُّكنُ الثَّاني مِن أركانِ الإسلامِ بعد الشَّهادتَينِ؛ ولذا كانَتْ مِن أهمِّ ما ينبغي أنْ يَحرِصَ المُسلِمُ على تعلُّمِه، وتعلُّمِ أحكامِه وآدابِه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو الدَّرداءِ رضِيَ اللهُ عنه: "سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أفي كلِّ صلاةٍ قراءةٌ؟"، أي: أتجِبُ القِراءةُ على المُصلِّي في كلِّ صلاتِه المُنفردةِ منها والجماعةِ، وكذلك السِّرِّيَّةُ منها والجَهريَّةُ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نَعَم"، قال رجلٌ مِن الأنصارِ: "وجَبَتْ هذه"، أي: إنَّ هذا الحُكمَ ثابتٌ بالقراءةِ في كلِّ صلاةٍ، فلم يُنكِرْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عليه قولَه، قال كَثيرُ بنُ مُرَّةَ- راوي الحديثِ عن أبي الدَّرداءِ-: "فالتَفَتَ إليَّ"، أي: اتَّجَه أبو الدَّرداءِ إلى كَثيرٍ بنظَرِه، يَقولُ: "وكُنْتُ أقرَبَ القومِ منه"، أي: وكُنْتُ جالسًا بالقُرْبِ منه، فقال: "ما أرى الإمامَ إذا أمَّ القومَ إلَّا قد كَفَاهم"، أي: إنَّ قِراءةَ الإمامِ تَكفي المأمومينَ، وهذا قول أبي الدَّرداءِ رضِيَ اللهُ عنه وهو. وقيل: بل يقرَأُ المأمومُ في السِّرِّيَّةِ والجَهريَّةِ، إلَّا أنَّه لا يَقرَأُ في الجَهريَّةِ إلَّا بفاتحةِ الكِتابِ فقط.
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ على سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وتعلُّمِ أمورِ دِينِهم منه.
وفيه: سَعَةُ عِلمِ أبي الدَّرداءِ، وبَذْلُ وقتِه للنَّاسِ لتعليمِهم .