باب القراء من أصحاب النبي 2
بطاقات دعوية
- عن علقمة قال: كنا بحمص , فقرأ ابن مسعود سورة {يوسف}، فقال رجل: ما هكذا أنزلت! قال: قرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم , فقال: أحسنت. ووجد منه ريح الخمر, فقال: أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر؟! فضربه الحد.
نَزَلَ الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم بَعْدَ مَوتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأمصارَ ومختَلِفِ البلدانِ؛ لِتعليمِ أهلِها أمورَ دِينِهم وكيفيَّةَ قِراءةِ القرآنِ الكريمِ وفَهْمِ معانيه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ عَلقمةُ بنُ قَيسٍ أنهم كانوا بحِمْص ومعهم الصَّحابيُّ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وحِمْص مَدينةٌ بالشَّامِ، والشَّامُ: تقَعُ في الشَّمالِ مِن الجزيرةِ العربيَّةِ، وتضُمُّ حاليًّا: سُوريَةَ والأُرْدنَّ، وفِلَسطينَ ولُبنانَ. فقَرَأَ عليهم ابنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه سُورةَ يُوسفَ، فَاعتَرضَ رجُلٌ مِنَ الحاضرينَ على قِراءتِه وأنه قرأ بخلافِ ما أُنْزِلَ على النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأَخبرهُ ابنُ مَسعودٍ رضِي اللهُ عنه بأنَّه هكذا قرأها على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ عَرَفَ سَبَبَ اعتِراضِ الرَّجُلِ حِينما وَجَدَ منه رِيحَ الخَمرِ، فأنكر عليه ابنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه جُرأتَه على تكذيبِه بكتابِ اللهِ، مع شُرْبِه للخَمْرِ، ثم ضرَبَه حَدَّ الخَمرِ.
وَإقامةُ ابنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه الحدَّ على الرَّجلِ حُمِلَ بِأنَّ ابنَ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه كانتْ له وِلايةُ إقامةِ الحدودِ نِيابةً عَنِ الإمامِ؛ إمَّا عمومًا وإمَّا خُصوصًا، وعلى أنَّ الرَّجلَ اعتَرَفَ بِشُربها بِلا عُذرٍ، وعلى أنَّ التكذيبَ كان بِإنكارِ بَعضِه جاهلًا؛ إذ لو كَذَّبَ به حَقيقةً لَكَفَرَ. وقِيلَ: يُحْتَملُ أنْ يكونَ قولُه: «فَضَرَبَه الحدَّ» أي: رَفعَه إلى الأميرِ فَضَربَه، فَأَسْنَدَ الضَّربَ إلى نفْسِه؛ لِكونِه كان سببًا فيه.
وفي الحَديثِ: فضيلةُ ابنِ مَسعودٍ وعِلْمُه بكِتابِ اللهِ وشِدَّتُه في الحَقِّ.