باب المحصر2
سنن ابن ماجه
حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، قال:
سألت الحجاج بن عمرو عن حبس المحرم؟ فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كسر أو مرض أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل" قال عكرمة: فحدثت به ابن عباس وأبا هريرة، فقالا: صدق (2)
بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحجِّ والعُمرةِ، ومن ذلك بيانُه للأمورِ الَّتي تُعَدُّ إحصارًا مانعًا من الحجِّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحاجِّ الَّذي يَحدُثُ له عارضٌ أثناءَ تأديتِه المناسِكَ: "مَن كُسِرَ"، أي: أصابَه شَيءٌ من الكسرِ في عَظْمِه؛ في رِجْلِه، أو يَدِه، "أو مرِضَ"، أي: أصابَه مرضٌ مانعٌ لا يَقْوى به على تَكملةِ المناسِكِ، "أو عَرِجَ"، أي: أصابَه عرَجٌ في رِجْلِه، وهو العرَجُ العارِضُ وليس العرَجَ الخِلقيَّ، "فقد حَلَّ"، أي: يتحلَّلُ مِن إحرامِه، وليس عليه تَكمِلةُ الحجِّ، "وعليه الحجُّ مِن قابلٍ"، أي: ويَلزَمُه حَجٌّ جديدٌ في السَّنةِ المقبِلةِ. ورُجِّحَ أنَّ هذا مَحمولٌ على مَن لم يحُجَّ حَجَّةَ الإسلامِ؛ لأنَّه وقَعَ في الإحصارِ؛ وهو المنعُ والحبسُ من إتمامِ أركانِ الحجِّ أو العُمرةِ.
وقولُه: "فقد حَلَّ"، يعني: يحِلُّ بما أصابه من المرضِ أو الكسرِ إذا لم يَستطِعْ أنْ يُؤَدِّيَ المَناسِكَ، وإلَّا فلو استطاع أنْ يطوفَ، أو يُطافَ به وهو محمولٌ؛ فإنَّ عليه أنْ يُتِمَّ عُمرتَه، لكنْ إذا لم يستطِعْ فإنَّه يحِلُّ، وعليه إحرامٌ من قابِلٍ؛ فمَن أحصَرَ في مكانٍ فإنَّه يُهْدِي هديًا ويذبَحُه، ويحلِقُ أو يُقصِّرُ، ويتحلَّلُ بهذا، ويُمْكِنُه أنْ يذبَحَ ذَبيحةً في مَحَلِّه ولو كان خارِجَ الحرمِ، فإنْ لم يَتيسَّرْ حوله أحدٌ من الفُقراءِ نُقِلَتِ الذَّبيحةُ إلى فُقراءِ الحرَمِ، أو إلى مَن حوله مِن الفُقراءِ، أو إلى فُقراءِ بعضِ القُرى، ثمَّ يحلِقُ أو يُقصِّرَ ويتحلَّلُ، فإنْ لم يستطَعِ الهدْيَ صام عشَرةَ أيَّامٍ.