باب المداومة على العمل1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة
عن أم سلمة، قالت: والذي ذهب بنفسه - صلى الله عليه وسلم - ما مات حتى كان أكثر صلاته وهو جالس، وكان أحب الأعمال إليه العمل الصالح الذي يدوم عليه العبد، وإن كان يسيرا (1)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا عملًا صالحًا داوَم عليه وإنْ كان قليلًا، فإنْ لم يَستطِعِ القيامَ بِه لِعُذرٍ أتَى به قَدْرَ ما يَستَطيعُ.
وفي هذا الحديثِ تُقسِمُ أمُّ سَلمةَ رَضِي اللهُ عَنها، فتقولُ: "والَّذي نَفْسي بيَدِه"، أي: واللهِ الَّذي حياتي ونَزْعُ الرُّوحِ مِن نَفْسِي الَّتي بينَ جَنبَيَّ بيَدِه عزَّ وجلَّ، "ما مات رسولُ اللهِ حتَّى كان أكثَرُ صَلاتِه قاعِدًا، إلَّا المكتوبةَ"، أي: أكثَرُ النَّوافلِ مِن سُننِ الصَّلَواتِ، وقِيامِ اللَّيلِ يُصلِّيها قاعدًا؛ لِضَعفِه عن طولِ القِيامِ حين كَبِر، وحِرْصِه على عدَمِ ترْكِها؛ ولذلك قالت: "وكان أحَبُّ العمَلِ إليه ما داوَم عليه"، أي: ما ثبَت وواظَب عليه صاحبُه، "وإنْ قلَّ"، أي: وإنْ كانَت تلك العِبادةُ الَّتي يُداوِمُ عليها قليلةً؛ فالمواظَبةُ عليها أمرٌ حسَنٌ؛ لأنَّها تُكثِرُها، وتَجعَلُ صاحِبَها دائمَ الصِّلةِ بالعمَلِ الصَّالحِ.
وفي الحديثِ: بيانُ اجتهادِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المواظَبةِ على العمَلِ الصَّالحِ حتى في آخِرِ حياتِه .