باب المصلي يسلم عليه كيف يرد 1
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم
عن عبد الله بن عمر، قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجد قباء يصلي فيه، فجاءت رجال من الأنصار يسلمون عليه، فسألت صهيبا وكان معه: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم؟ قال: كان يشير بيده (1).
الصَّلاةُ صِلةٌ بينَ العَبدِ وربِّه، وقد كان يُسمَحُ في الصَّلاةِ في أوَّلِ الإسلامِ فيها ببَعضِ الأمورِ؛ مِثلِ السَّلامِ على المصلِّي، ورَدِّ المصلِّي لهذا السَّلامِ، ثمَّ نُسِخ ذلك وأصبَحَتِ الصَّلاةُ للقِراءةِ والذِّكرِ، ولا يَصلُحُ فيها كلامُ البشَرِ.
وفي هذا الحديثِ تَوضيحٌ لبعضِ هذه المعاني، حيثُ يقولُ ابنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما: "دخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مَسجِدَ قُباءٍ"، وهو أوَّلُ مَسجدٍ اتَّخذَه النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في المدينةِ عندَ أوَّلِ قُدومِه إليها مُهاجِرًا، وهو في أوَّلِ المدينةِ مِن جِهَةِ مكَّةَ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يأتيه كلَّ سبتٍ، فيَدْخُلُه "لِيُصلِّيَ فيه، فدخَل عليه رجالٌ، يُسلِّمون عليه"، وفي روايةٍ: "فجاءَت رجالٌ مِن الأنصارِ يُسلِّمون عليه".
قال ابنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما: "فسأَلتُ صُهيبًا"، وهو صُهيبٌ الرُّوميُّ الصحابيُّ المشهورُ رضِيَ اللهُ عنه، "وكان معَه"، أي: مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "كيف كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَصنَعُ إذا سلَّم عليه"، أي: كيف كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَرُدُّ عليهم وهو يُصلِّي؟ قال صُهيبٌ: كان النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ "يُشيرُ بيَدِه"، أي: يُحرِّكُ يدًا واحدةً بالسَّلامِ، ولا يردُّ نُطقًا بلِسانِه.
ووقَع في رِوايةٍ عن عمَّارِ بنِ ياسرٍ عند النَّسائيِّ أيضًا: "أنَّه سلَّم على رَسولِ اللهِ وهو يُصلِّي، فرَدَّ عليه"، أي: ردَّ عليه السَّلامَ بالإشارةِ، أو رَدَّ عليه بالقولِ ولكنَّ ذلك نُسِخَ. ولم يقَعْ في هذه الرِّوايةِ كيفيَّةُ الرَّدِّ بالإشارةِ، ووقَع في رِوايةِ أبي داودَ مِن حديثِ ابنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "يقولُ هكذا، وبسَطَ كَفَّه، وبسَط جَعفَرُ بنُ عَونٍ كفَّه، وجعَل بَطْنَه أسفَلَ، وجعَل ظهْرَه إلى فوقَ"، أي: إنَّ الإشارةَ بالسَّلامِ تكونُ بجَعْلِ ظَهرِ الكفِّ إلى فوقَ، وبَطنِها إلى أسفلَ .