باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود 3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن أبي إسحاق، عن دارم، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة (1)عن أبي موسى، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني قد بدنت، فإذا ركعت فاركعوا، وإذا رفعت فارفعوا، وإذا سجدت فاسجدوا، ولا ألفين رجلا يسبقني إلى الركوع ولا إلى السجود" (1).
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه أحكامَ صَلاةِ الجماعةِ، ومِن ذلِك اتِّباعُ الإمامِ ومُوالاتُه في أفعالِ الصَّلاةِ وحَركاتِها، وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو موسى الأشعريُّ رضِيَ اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنِّي قد بَدَّنْتُ"- بالتَّشديدِ- ومعناه: كَبِرَتْ سِنِّي وضَعُفْتُ، وأمَّا "بَدُنْتُ" بالتَّخفيفِ مع ضَمِّ الدَّالِ، فلا يُناسِبُ؛ لكونِه مِن البَدانةِ بمعنى كثرةِ اللَّحْمِ ولم يكُنْ مِن صِفَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ووأضَحَ ذلك ما جاء عن عائشةَ: "فلمَّا أسَنَّ وأخَذَ اللَّحمَ"؛ فكلُّ إنسانٍ مع كِبَرِ السِّنِّ واحتِمالِ اللَّحمِ يثقُلُ البَدنُ ويُثَبِّطُه عن الحَركةِ، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه قد يسبِقُه الشَّابُّ والقويُّ في الشُّروعِ في رُكنٍ مِن أركانِ الصَّلاةِ في صَلاةِ الجَماعةِ قبْلَه، "فإذا رَكعْتُ فارْكَعوا"، أي: لا تَرْكَعوا إلَّا بعدَ أنْ أركَعَ، "وإذا رَفَعتُ فارْفَعوا، وإذا سَجَدتُ فاسْجدوا"، وكذلك عندَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ وعندَ السُّجودِ، "ولا ألْفيَنَّ رجُلًا يسبِقُني إلى الرُّكوعِ ولا إلى السُّجودِ"، وهذا نهيٌ صريحٌ عن سَبْقِ الإمامِ في الصَّلاةِ، فعلى المُصلِّي أنْ يتبَعَه في الحركاتِ، وقد ورَدَ التَّشديدُ والزَّجرُ عن ذلك في الحديثِ المُتَّفقِ عليه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "أمَّا يَخْشى أحدُكم إذا رفَعَ رأْسَه قبْلَ الإمامِ أنْ يجعَلَ اللهُ صُورتَه صُورةَ حِمارٍ".
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن سَبْقِ الإمامِ في الصَّلاةِ، والحثُّ على مُتابعتِه وأداءِ هَيئاتِ الصَّلاةِ وحَركاتِها بعدَه.