باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفحل 2
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، ومحمد بن طريف، قالا: حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن أبي حازم
عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب وعسب الفحل (2).
حثَّ الإسلامُ على اتِّخاذِ سُبُلِ الرِّزقِ الطَّيِّبةِ قَدْرَ الاستطاعةِ، وعلى البُعدِ عن كلِّ سَبيلٍ خَبيثةٍ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رضي اللهُ عنه: "نَهَى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كَسْبِ الحجَّامِ"، والحَجَّامُ هو الَّذي يَقومُ بالحِجامةِ، وهي شقُّ عِرْقٍ مِن عُروقِ الجِسمِ لإخراجِ الدَّمِ الفاسدِ منه بعدَ تَجميعِه فيه. وقد ثبَت في الصَّحيحَيْن أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدِ احتَجَم وأعطى الحجَّامَ أجرَه؛ فقيل: إنَّ النَّهيَ الواردَ في هذا الحَديثِ عن كَسْبِ الحجَّامِ إنَّما هو للتَّنزيهِ، وليس للتَّحريمِ، وأنَّه على المؤمِنِ أنْ يَترفَّعَ عنه؛ لِوجودِ ما هو أفضلُ منه.
"وَعن ثَمنِ الكَلبِ" أي: عَن بيعِه أو شِرائِه، والكَلبُ مَنهيٌّ عنِ اقتِنائِه وتَربيَتِه، وما كُسِبَ مِن ذلك فهو مالٌ غيرُ طيِّبٍ.
"وَعن عسْبِ الفَحلِ"، والفَحلُ الذَّكَرُ مِن كلِّ حَيوانٍ، فَرسًا كان، أو جَملًا، أو تَيسًا، أو غيرَ ذلك، والمرادُ: أَخْذُ أُجرةٍ على تَلقيحِه للإناثِ؛ قيل في سببِ النَّهيِ عنه: لأنَّ فيه غَرَرًا؛ لأنَّ الفحلَ قد يَضرِبُ وقد لا يَضرِبُ، وقد تُلقَّحُ الأنثى وقد لا تُلقَّحُ، فهو أمرٌ مَظنونٌ، والغَررُ فيه موجودٌ، وإنَّ مثلَ هذا يَنبغي للمُسلمين أن يَتباذَلُوه بَينهُم لأنَّه مِن جِنسِ الماعونِ.