باب النهي عن نبيذ الأوعية4
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر، والعباس بن عبد العظيم العنبري، قالا: حدثنا شبابة، عن شعبة، عن بكير بن عطاء
عن عبد الرحمن بن يعمر، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدباء والحنتم (1)
كان العرَبُ قديمًا يتَّخذون أوانِيَ ربَّما يكونُ لها أثَرٌ في الطَّعامِ والشَّرابِ، فلمَّا جاء الإسلامُ رشَّدَ استخدامَها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ زاذانُ أبو عُمرَ الكِنْديُّ: "سألتُ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ، قلتُ: حدِّثْني بشَيءٍ سَمِعتَه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الأوعيَةِ"، أي: عن حُكمِ استِخدامِ أواني الطَّعامِ والشَّرابِ، "وفسِّرْه"، أي: وضِّحْه واشرحْ لي معانيَه، فقال ابنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن الحَنتمِ، وهو الَّذي تُسمُّونه أنتم"، أي: في زَمنِكم: "الْجَرَّةَ"، وكانتْ تُصنَعُ مِن طينٍ وشَعرٍ ودَمٍ، "ونهى عن الدُّبَّاءِ، وهو الَّذي تُسمُّونه أنتم: القَرعَ"؛ وذلك لأنَّ آنيَتَه كانتْ تُتَّخذُ مِن نَباتِ القَرعِ بعد تَجفيفِه، وتَفريغِه وتجويفِه ليُصبحَ كالإناءِ، "ونَهى عن النَّقيرِ، وهي النَّخلةُ يَنقُرونَها"، يَصنَعون مِن جُذوعِ النَّخلِ تَجاويفَ مثلَ الآنيَةِ، "ونَهى عن المزفَّتِ، وهو: المُقَيَّرُ"، قيل: والمزفَّتُ: ما طُلِيَ بالزِّفتِ، والمقيَّرُ: ما طُلي بالقارِ وهو نَبتٌ يُحرَقُ إذا يَبِسَ.
وقد ثبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ما يَنسَخُ هذا النَّهيَ؛ ففي صحيحِ مُسلمٍ عن بُريدَةَ الأسلمِيِّ رَضِي اللهُ عَنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نهيتُكم عن النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشربوا في الأسقيَةِ كلِّها، ولا تَشرَبوا مُسكِرًا"؛ فبيَّن أنَّ العلَّةَ ليست إلَّا الإسكارَ؛ وهو محرَّمٌ.
وفي الحديثِ: بيانُ حِرصِ التَّابعين على تلقِّي سنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وأَخْذِ العِلمِ عن أهْلِه.
وفيه: النَّهيُ عن شُربِ كلِّ مُسكرٍ مهما تعدَّدَت أسماؤُه أو صِفاتُه .