باب اليمين على المدعى عليه
بطاقات دعوية
![باب اليمين على المدعى عليه](https://ghondur.com/a/uploads/images/2020/08/image_750x_5f3567cbf3d3e.jpg)
حديث ابن عباس إن امرأتين كانتا تخرزان في بيت أو في الحجرة، فخرجت إحداهما وقد أنفذ بإشفا في كفها، فادعت على الأخرى، فرفع إلى ابن عباس، فقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم ذكروها بالله، واقرءوا عليها (إن الذين يشترون بعهد الله) فذكروها فاعترفت فقال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اليمين على المدعى عليه
اهتم الشرع المطهر بحفظ الحقوق بين الناس، ووضع الضوابط التي باتباعها تحفظ تلك الحقوق، وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة: "أن امرأتين كانتا تخرزان"، أي: تعملان بالخياطة في الجلود كخرزهم للخف والأسقية وغيرها، "في بيت، أو في الحجرة"، أي: إشارة إلى انفرادهما، "فخرجت إحداهما وقد أنفذ بإشفى في كفها"، أي: مرت الآلة التي تخرز بها من بطن كفها إلى ظهرها، والإشفى: المثقب، "فادعت على الأخرى"، أي: اتهمت من معها بأنها هي التي أصابتها، "فرفع أمرهما إلى ابن عباس"، أي: ليقضي فيهن؛ وذلك أن الأخرى قد أنكرت ما تدعي به صاحبتها عليها، فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم"، أي: لو تلزم وتجب لهم الحقوق بمجرد دعواهم بدون بينة أو إقرار من المدعى عليه، لذهب دماء قوم وأموالهم"، أي: لضاعت الحقوق بين الناس
ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ذكروها بالله"، أي: عظوها، وبينوا لها جزاء من يأخذ حقوق الناس كذبا، واقرؤوا عليها: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} [آل عمران: 77]، أي: يستبدلون بما عاهدوا عليه الله من الإيمان به وبرسوله، والوفاء بالأمانات {وأيمانهم} أي: وحلفهم الكاذب {ثمنا قليلا} أي: زهيدا بخسا من حطام الدنيا ومتاعها، وأي شيء في الدنيا فهو قليل بالموازنة بما في الآخرة: {أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} [آل عمران: 77]، أي: لا نصيب لهم في الآخرة؛ لأنهم يبيعون آخرتهم بدنياهم، وهذا محمول على من لم يتب ولم يكفر عن أيمانه الكاذبة. قال الراوي: "فذكروها فاعترفت"، أي: ذكروا المرأة المدعية التي أصابت نفسها بالله تعالى فاعترفت على نفسها، فقال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليمين على المدعى عليه"، أي: إن لم تعترف المرأة وأصرت على دعواها، فيكفي الأخرى أن تنكر باليمين لدفع ما يدعى به عليها
وفي الحديث: الرجوع إلى أهل العلم فيما أشكل على الناس. وفيه: بيان ما في التذكير والوعظ من خير