باب من أحق بالإمامة

بطاقات دعوية

باب من أحق بالإمامة

حديث مالك بن الحويرث، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رفيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا، قال: [ص:133] ارجعوا فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا؛ فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم

كان الصحابة رضي الله عنهم حريصين على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء ونقله لمن بعدهم، لا سيما الصلاة التي هي عماد الدين

وفي هذا الحديث يوضح مالك بن الحويرث رضي الله عنه لأصحابه كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ألا أريكم كيف كانت صلاته صلى الله عليه وسلم؟ وكان ذلك في غير وقت الصلاة المكتوبة، فكانت صلاته صلاة تطوع بقصد التعليم، ليست بفرض ولا نافلة، فلما شرع رضي الله عنه في الصلاة قام رضي الله عنه وكبر للإحرام بالصلاة، «ثم ركع فكبر» فكان تكبيره للركوع بعده لا قبله، «ثم رفع رأسه فقام هنية»، أي: وقف قدرا يسيرا بين ركوعه وسجوده، «ثم سجد، ثم رفع رأسه هنية» والمراد: أنه يجلس بين السجدتين وقتا يسيرا، ثم يسجد السجدة الثانية. فأخبر التابعي أبو قلابة عبد الله بن زيد أن مالك بن الحويرث رضي الله عنه صلى بهم صلاة مثل التي يصليها عمرو بن سلمة رضي الله عنه، وكان شيخهم وإمامهم.وقال أيوب السختياني -راوي الحديث عن أبي قلابة، ومن طلبة عمرو بن سلمة رضي الله عنه-: إنه كان يفعل شيئا لم ير غيره يفعله، وهو أنه كان يقعد في الثالثة والرابعة، والمراد أنه كان يقعد بعد السجود الثاني في الركعة الوترية، ثم يقوم بعدها، وهي التي تسمى جلسة الاستراحة؛ قيل: إن تلك الجلسة هي إتمام للركعة، وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها لعارض؛ إما لكبر أو مرض، وقيل: بل هي مقصودة في الصلاة ولكنها خفيفة.ثم أخبرهم مالك بن الحويرث رضي الله عنه بعد أن فرغ من صلاته: أنهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلامهم، فأقاموا عنده، فلما استأذنوه في الرجوع إلى أهليهم أذن لهم، وأخبرهم بمواقيت الصلوات التي يجب عليهم أن يصلوها، ثم أمرهم إذا دخل وقت الصلاة في حضر أو سفر أن يؤذن لها أحدهم، وأن يؤمهم للصلاة أكبرهم سنا.ويجمع بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله...» -كما في صحيح مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه-: بأن التقديم بالسن محله إذا استوى الحاضرون للصلاة في القراءة، وهذا مفهوم من هذه القصة؛ لأنهم أسلموا وهاجروا معا، وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه، واستووا في الأخذ عنه؛ فلم يبق مما يقدم به إلا السن

وفي الحديث: مشروعية جلسة الاستراحة

وفيه: تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في العلم بسنن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن عند بعضهم ما ليس عند الآخر

وفيه: الصلاة في غير وقتها للتعليم

وفيه: الحرص على تعليم الأهل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم