باب: بيان الكبائر وأكبرها
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات
الموبقات هي الذنوب المهلكات؛ وسميت بذلك لأنها تهلك صاحبها بما يترتب عليها من عقابه في الدنيا، ودخول النار واستحقاق عذابها في الآخرة
وفي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الموبقات السبع، ويأمرهم باجتنابها، فلما سئل عنها: ما هي؟ ذكر الأول منها، وهو الشرك بالله، وهو نوعان؛ أحدهما: أن يجعل العبد لله ندا ويعبد غيره؛ من حجر أو شجر أو غير ذلك، والثاني: هو الشرك الخفي، وهو الرياء، وهو: ما يتسرب إلى أعمال القلوب وخفايا النفوس، وهذا لا يطلع عليه إلا علام الغيوب.
والثاني: السحر، وهو قسمان؛ الأول: عقد ورقي، أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قال الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} [البقرة: 102]. والثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله، فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى بالصرف والعطف
والثالث: قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وهي النفس المعصومة؛ بإسلام أو ذمة، أو عهد أو أمان، وقوله: «إلا بالحق» كالقتل قصاصا، أو حدا، أو ردة
والرابع: أكل الربا، والربا زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض، وهو ظلم للإنسان، وأكل لماله بالباطل، ومحاربة لله ورسوله، كما حكى القرآن. وإنما خص الأكل بالذكر؛ لأنه أعظم أنواع الانتفاع
والخامس: أكل مال اليتيم، وهو إتلاف ماله، وخص الأكل بالذكر؛ لأنه المقصود الغالب من المال
والسادس: الهروب من ساحة القتال أمام أعداء الله ورسوله، وعند قتال الكفار أو البغاة، إلا من فر ليكر أو ليخدع العدو، كما قال تعالى: {إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} [الأنفال: 16]
والسابع: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات، والقذف هو الاتهام بالزنا، والمحصنات: هن العفيفات، والغافلات: البريئات اللواتي لا يفطن إلى ما رمين به من الفجور
وذكر هذه السبع لا ينافي ألا تكون كبيرة إلا هذه؛ فقد ذكر في غير هذا الموضع: قول الزور، وزنا الرجل بحليلة جاره، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، واستحلال بيت الله، وغيرها مما ورد في السنة. والتحقيق: أن التنصيص على عدد لا ينافي أكثر من ذلك، وأما تعيين السبع هنا فلاحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بها في ذلك الوقت، ثم أوحي إليه بعد ذلك غيرها، أو يكون السبع هي التي دعت إليها الحاجة في ذلك الوقت