باب بيع الشعير بالشعير
بطاقات دعوية
عن مالك بن أوس أنه التمس صرفا بمائة دينار، فدعاني طلحة ابن عبيد الله، فتراوضنا (92) -حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة، وعمر يسمع ذلك، فقال: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"الذهب بالذهب ربا؛ إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا؛ إلا هاء وهاء، والشعير
بالشعير ربا؛ إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا؛ إلا هاء وهاء"
الرِّبا والتَّعامُلُ به مِن أكبرِ الكبائرِ، وقد تَوعَّدَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى المُتعامِلين به بحَرْبٍ منه سُبحانَه ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القَواعدَ المُنظِّمةَ للبُيوعِ، وأوضَحَ صُوَرَ الرِّبا؛ حتَّى لا يَقعَ فيه المسلِمون، كما بيَّن صُوَرَ التَّبايُعِ الحَلالِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفَ يكونُ البَيعُ في الأصنافِ المُتماثلةِ، فيقولُ: «الذَّهبُ بِالذَّهبِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ»، ومعْنى «هاءَ وهاءَ» أنْ يقولَ أحدُهما: هاءَ؛ يعني: خُذْ، ويقولَ الآخَرُ: هاءَ؛ يعني: هاتِ، والمرادُ: أنَّهما يَتقابَضانِ في المجلسِ قَبْلَ التَّفرُّقِ. فبَيعُ الذَّهَبِ بالذَّهَبِ مِن الرِّبا المُحرَّمِ في جَميعِ الحالاتِ، إلَّا حالَ الحُضورِ والتَّقابُضِ، فأشارَ للتَّقابُضِ بقولِه: «هاءَ وهاءَ». وكذلك يَشمَلُ الحكْمُ البُرَّ والشَّعيرَ، والبُرُّ: هو القمْحُ، فإذا أراد البائعُ والمُشتري أنْ يُتِمَّا الصَّفقةَ في هذه الأشياءِ فيَجِبُ أنْ يكونَ ذلك في مَجلسِ العَقْدِ نفْسِه.
ويُشترَطُ في بَيعِ هذه الأصنافِ التَّماثُلُ أيضًا، وفي حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه في الصَّحيحَينِ، نَصَّ على التَّماثُلِ في المِقدارِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تَبِيعوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، ولا الوَرِقَ بالوَرِقِ، إلَّا وَزْنًا بوَزْنٍ، مِثلًا بمِثلٍ، سَواءً بسَواءٍ».
وفي رِوايةِ مُسلمٍ في صَحيحِه، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زاد، أو استزادَ، فقدْ أَرْبى، الآخِذُ والمُعطي فيه سَواءٌ».