باب قول الله تعالى: {فأن لله خمسه وللرسول} 3
مختصر صحيح البخاري
عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"إن رجالا يتخوضون (21) في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة".
جعلَ اللهُ سُبحانَه المالَ قِيامًا للناسِ تَقومُ به مَصالحُ دِينِهمْ ودُنياهُمْ، وبيَّن أنَّ كَسْبَه وإنفاقَه يَنْبغي أنْ يكونَ مِن الحلالِ وإلى الحلالِ المَشروعِ.
وفي هذا الحديثِ حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعضَ الرِّجالِ مِن العُمَّالِ وغيرِهمْ، أنْ يَتَصرَّفوا في مالِ اللهِ بغيرِ حقٍّ، وهذا معنًى عامٌّ في كلِّ ما يَخُصُّ المالَ مِن حيثُ جَمعُه وكَسْبُه مِن غيرِ حِلِّه، وإنفاقُه في غيرِ مَواضِعِه الصَّحيحةِ، وإضافةُ المالِ إلى اللهِ تعالَى يُقصَدُ بها أموالَ الغنائمِ وبُيوتَ أموالِ المسلمينَ العامَّةِ التي جَعَلَها اللهُ لمَصالِحهِمْ، فيَأخُذُها العمَّالُ والحُكَّامُ بغيرِ حقٍّ وبالباطلِ، فيَأْخُذونَ مِنها أكثرَ ممَّا يَستحِقُّونَ على أعمالِهمْ، أو يُعطُونَ مَن لا يَستَحِقُّ، أو غيرَ ذلكَ ممَّا ليسَ بحَقٍّ، فأخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هؤلاءِ لهم النَّارُ يومَ القيامةِ، إلَّا أنْ يَتوبوا، فيَرُدُّوا المظالِمَ إلى أهلِها، وقولُه: «فلَهُمْ» يدُلُّ على سُرعةِ العذابِ وقُربهِ الشَّديدِ ممَّن يَتصرَّفونَ في الأموالِ بغيرِ حقٍّ.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ الأموالَ العامَّةَ ليستْ مَرتَعًا لِمَن ولَّاهُ اللهُ عليها؛ لأنَّه سيُحاسَبُ عليها يومَ القيامةِ.
وفيه: رَدْعٌ للولاةِ والأمراءِ ألَّا يَأخُذوا مِن مالِ اللهِ شيئًا بغيرِ حقِّه، ولا يَمْنَعوه مِن أهْلِه.