باب قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}

بطاقات دعوية

باب قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}

عن عبد الله (ابن مسعود) رضي الله تعالى عنه قال: كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك (52)، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ [علينا 6/ 119]: " {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} ".

نِكاحُ المتعةِ كان جائزًا في أوَّلِ الإسلامِ، ثُمَّ ثَبَتَ بالأحاديثِ الصَّحيحةِ أنَّه نُسِخَ، وانعَقَدَ الإجماعُ على تَحريمِه ولم يُخالِفْ فيه إلَّا طائفةٌ مِنَ المبتدِعَة، كالشِّيعةِ الرَّوافضِ.
وهذا الحديثُ مِنَ الأحاديثِ الدَّالَّةِ على مشروعيَّةِ نِكاحِ المُتعةِ، والَّتي نُسِختْ وزالَ حكْمُها، وفيه يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِي اللهُ عنه أنَّهم كانوا يَغزونَ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليسَ معهم نِساءٌ، فقالوا لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ألَا نَختصي؟» أي: نَنزِعُ الخُصْيتينِ؛ وذلك حتَّى لا يَشْعُروا بِشَهوةِ النِّساءِ، فلا يَحتاجوا إلى الزَّواجِ. فلمَّا سَمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منهم ذلكَ نَهاهُم عَنِ الخِصاءِ نهيَ تحريمٍ؛ لِما فيه من تغييرِ خَلقِ اللهِ، وقَطْعِ النَّسلِ، وكُفرِ النِّعمةِ، وقد يُفضي ذلك بفاعلِه إلى الهلاكِ.
ورخَّصَ لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَتَزوَّجوا المرأةَ بِالثَّوبِ، أي: بما يَتراضَوْن به مَهرًا، كَالثَّوبِ وغيرِه، إلى أجَلٍ محدَّدٍ، وهذا هو نكاحُ المتعةِ يكونُ لِمدَّةٍ مُعينَّةٍ على مَهرٍ مَعيَّنٍ، ثُمَّ قرأَ ابنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87]، يعني: لا تُحَرِّموا على أنفُسِكم ما أحلَّه اللهُ لكم مِنَ التَّزوُّج ِبِالنِّساءِ وغيرِ ذلك. وقيل: في استشهادِ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه بالآيةِ أنَّه كان يعتَقِدُ إباحةَ المتعةِ ولم يكُنْ حينئذٍ بلغه النَّاسِخُ، ثم بلغه فرجعَ بَعْدُ.
وفي الحَديثِ: ورودُ النَّسخِ في الشَّرائعِ والأحكامِ.
وفيه: النَّهيُ عن الاختصاءِ.