باب تحريم الغدر
بطاقات دعوية
حديث عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل غادر لواء يوم القيامة، ينصب يوم القيامة يعرف به
كان الصحابة رضي الله عنهم يجتهدون في أمور النوازل التي لم يرد فيها نص واضح صريح، بحسب فهمهم لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد حدثت فتنة مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه وتلاها وقوع الاقتتال بين المسلمين، إلا أنه ظل بينهم التناصح والتواصل والتواصي بالحق
وفي هذا الحديث يروي التابعي نافع مولى عبد الله بن عمر أن ابن عمر رضي الله عنهما جمع أبناءه وجماعته الملازمين لخدمته، بعد أن خلع بعض الناس يزيد بن معاوية وقد بويع له بالخلافة، فذكر لهم قوله صلى الله عليه وسلم: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة» والغادر: هو الذي ينقض عهده، واللواء: الراية التي ترفع للجيش ليميز بها، والمراد به: أنه يميز بعلامة يوم القيامة
ثم قال لأبنائه: «إنا قد بايعنا هذا الرجل» يعني: يزيد بن معاوية «على بيع الله ورسوله»، أي: على شرط ما أمرا به من بيعة الإمام؛ وذلك أن من بايع أميرا فقد أعطاه الطاعة وأخذ منه العطية، فكان كمن باع سلعة وأخذ ثمنها، ثم أخبرهم أن من أعظم الغدر أن ينقض الإنسان بيعة الإمام بعد أن عاهده على الولاء بالسمع والطاعة ويقوم لقتاله، وأخبرهم أن من خلع البيعة أو بايع إماما آخر، فإن هذا يكون قاطعا لصلته وعلاقته معه؛ وهذا لأنه كان يرى أن خلع يزيد فتنة، وسيحدث فيها قتل كثير، وقد حدث ما توقعه؛ فإنه لما بلغ يزيد أن أهل المدينة خلعوه، جهز لهم جيشا مع مسلم بن عقبة المري، وأمره أن يدعوهم ثلاثة أيام، فإن رجعوا وإلا فيقاتلهم، وإذا انتصر عليهم يبيح المدينة للجيش ثلاثا، ثم يكف عنهم، فتوجه إليهم فوصل في ذي الحجة سنة ثلاث وستين فحاربوه، وكانوا قد اتخذوا خندقا، وانهزم أهل المدينة، وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثا، فقتل جماعة من بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين، وقتل بها جماعة من حملة القرآن، ثم بايع الباقون كرها على أنهم أتباع ليزيد
وفي الحديث: لزوم طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار وظلم
وفيه: دليل على أن الغدر من كبائر الذنوب؛ لأن فيه هذا الوعيد الشديد