باب ترك الوضوء مما غيرت النار 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا خالد قال حدثنا بن جريج عن محمد بن يوسف عن سليمان بن يسار قال دخلت على أم سلمة فحدثتني : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصوم وحدثنا مع هذا الحديث أنها حدثته أنها قربت إلى النبي صلى الله عليه و سلم جنبا مشويا فأكل منه ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ
قال الشيخ الألباني : صحيح
كان التَّابعونَ يحرِصونَ على معرفةِ أحوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعبادتَه، وكانَتْ أزواجُه رَضِي اللهُ عَنهنَّ خيرَ مَن نقَل للتَّابعينَ عبادتَه وأحوالَه
وفي هذا الحديثِ يقولُ عطَاءُ بنُ يَسارٍ- أحدُ أئمَّةِ التَّابِعين وفُقهائِهم-: "دخَلْتُ على أمِّ سلَمةَ" زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "فحدَّثَتْني أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُصبِحُ جُنُبًا مِن غيرِ احتلامٍ ثمَّ يصُومُ"، أي: كانَتْ تُصيبُه الجَنابةُ مِن جِماعٍ ليلًا، ثمَّ يدخُلُ وَقْتُ الفجرِ ولم يكُنْ قدِ اغتَسَل، فيبدَأُ صومَه وهو على تِلك الجَنابةِ، وفي هذا إشارةٌ إلى مُباشَرتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للصَّومِ قبْلَ تطهُّرِه؛ لأنَّ الجَنابةَ تُطلَقُ على كلِّ مَن أنزَل المنيَّ أو جامَع، وسُمِّي بذلكَ؛ لاجتنابِه الصَّلاةَ والعباداتِ حتَّى يطَّهَّرَ منها
وحدَّثَتْ أمُّ سلَمةَ رضِيَ اللهُ عنها عطاءً "أنَّها قرَّبَتْ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم جَنْبًا مَشْوِيًّا فأكَل منه"، أي: إنَّها قدَّمَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم جَنْبَ شاةٍ شُوِيَ على النَّارِ، فأكَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم منه، "ثمَّ قام إلى الصَّلاةِ"، أي: إنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَما فرَغ مِن أكلِه قام ليُصلِّيَ، "ولم يتوضَّأْ" ولم يُحدِثْ وُضوءًا؛ فكأنَّها تَعني أنَّ آخِرَ أمرِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ الأكلَ ممَّا مسَّتْه النَّارُ أو غيَّرَتْه لا يُعَدُّ ناقضًا للوضوءِ
وفي الحديث: مَشروعيَّةُ صِيامِ مَن أصبحَ جُنبًا، وأنَّه يُكمل صِيامَ يَومِه
وفيه: أنَّ أكْلَ الطَّعامِ الذي أُنضِجَ على النارِ لا يَنقُضُ الوُضوءَ