باب ثياب الحرير في المنام
بطاقات دعوية
عن عائشة قالت: قال [لها 4/ 252] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أريتك قبل أن أتزوجك مرتين: رأيت الملك يحملك في سرقة من حرير، [فقال لي: هذه امرأتك 6/ 131]، فقلت: له: اكشف، فكشف [عن وجهك الثوب] فإذا هي أنت، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه، ثم أريتك يحملك في سرقة من حرير فقلت: اكشف فكشف فإذا هي أنت، فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه".
رُؤيا الأنبياءِ حَقٌّ ووَحيٌ، وقد أرى اللهُ سُبحانَه نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يُثَبِّتُ فؤادَه، ويُقِرُّ عَينَه، فأراه بعضَ الأُمورِ المستقبليَّةِ التي ستقَعُ معه، وبشَّره بزواجِه من عائشةَ بنتِ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، كما يُبَيِّنُ هذا الحديثُ؛ إذ تَحكِي عَائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: «أُرِيتُكِ قبْلَ أنْ أتَزوَّجَك في المنامِ مرَّتين»، فرَأى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ وهو يحمِلُ عائِشةَ في «سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ»، أي: قِطعةٍ مِن حَريرٍ، وفي روايةٍ أُخرى في الصَّحيحينِ: «هذه امرأتُك»، أي: زوجتُك في الدُّنيا، وهذا إشعارٌ مِنَ اللهِ عزَّ وجَلَّ لنبيِّه بتزويجِه من عائِشةَ بنتِ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، «فقُلْتُ له: اكْشِفْ» عمَّا في هذه القِطعةِ مِن الحريرِ، «فكَشَف، فإذا هِيَ أنتِ، فقُلتُ: إنْ يَكُنْ هذا مِنْ عِنْدِ الله يُمْضِهِ»، فيُنْفِذْه ويُتِمَّه، ثُمَّ أُرِيَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرةً أُخرى، والمَلَكُ جِبريلُ يَحْمِلُها في قِطعةٍ مِن حَرِيرٍ، فطلب من جِبريلَ أن يكشِفَ عَمَّا في القِطعةِ الحريريَّةِ، فكشف، فإذا الشَّخصُ الذي في القِطعةِ مِن الحريرِ عائشةُ، فكرَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَقُولتَه: «إنْ يَكُ هذا مِن عندِ الله يُمْضِهِ».
وقد يُستشكَلُ قولُه: «إنْ يَكُ هذا مِن عندِ الله يُمْضِهِ»؛ لأنَّ ظاهرَه الشَّكُّ، ورُؤيا الأنبياءِ وحْيٌ. والجوابُ: أنَّه على احتمالِ أنَّ الرُّؤيا بعْدَ النُّبوَّةِ وبعْدَ العِلمِ بأنَّ رُؤياه وَحْيٌ؛ فيكونُ عبَّر عمَّا علِمَه بلفْظِ الشَّكِّ ومعْناه اليقينُ؛ إشارةً إلى أنَّه لا دخْلَ له فيه، وليْس ذلك باختيارِه وفي قُدرتِه. وعلى احتمالِ أنَّ الرُّؤيا قَبْلَ النُّبوَّةِ وقبْلَ أنْ يَعلَمَ أنَّ رُؤيا الأنبياءِ وحيٌ؛ فلا إشكالَ.
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقبةٌ لأمِّ المُؤمِنين عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها.