باب خروج الدجال
حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثنى بحير عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبى أمية عن عبادة بن الصامت أنه حدثهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « إنى قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا جحراء فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور ». قال أبو داود عمرو بن الأسود ولى القضاء.
( حدثني بحير ) : بكسر المهملة ، ابن سعيد السحولي ، وثقه النسائي ( عن جنادة ) : بضم أوله ثم نون ، ابن أبي أمية الأزدي أبو عبد الله الشامي ، يقال اسم أبيه كثير مختلف في صحبته ، فقال العجلي تابعي ثقة ، والحق أنهما اثنان صحابي وتابعي متفقان في الاسم وكنية الأب ، ورواية جنادة الأزدي عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن النسائي ، ورواية جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت في الكتب الستة . كذا في التقريب ( حتى خشيت أن لا تعقلوا ) : أي لا تفهموا ما حدثتكم في شأن الدجال أو تنسوه لكثرة ما قلت في حقه . قال الطيبي رحمه الله : حتى غاية حدثتكم ، أي حدثتكم أحاديث شتى حتى خشيت أن يلتبس عليكم الأمر فلا تعقلوه فاعقلوه
وقوله ( إن المسيح الدجال ) : أي بكسر إن استئناف وقع تأكيدا لما عسى أن يلتبس عليهم انتهى .
وقيل خشيت بمعنى رجوت وكلمة لا زائدة ذكره القاري ( قصير ) : هذا يدل على قصر قامة الدجال ، وقد ورد في حديث تميم الداري في شأن الدجال أنه أعظم إنسان .
ووجه الجمع أنه لا يبعد أن يكون قصيرا بطينا عظيم الخلقة . قال القاري : وهو المناسب لكونه كثير الفتنة ، أو العظمة مصروفة إلى الهيبة قيل يحتمل أن الله تعالى يغيره عند الخروج ( أفحج ) : بفاء فحاء فجيم كأسود هو الذي إذا مشى باعد بين رجليه كالمختتن فهو من جملة عيوبه كذا في مرقاة الصعود ( جعد ) : بفتح جيم فسكون عين وهو من الشعر خلاف السبط أو القصير منه كذا في القاموس ( أعور ) : أي إحدى عينيه ( مطموس العين ) : أي ممسوحها بالنظر إلى الأخرى .
قال في النهاية : إن الدجال مطموس العين أي ممسوحها من غير بخص ، والطمس استئصال أثر الشيء ، والدجال سمي بالمسيح لأن عينه الواحدة ممسوحة ويقال رجل ممسوح الوجه ومسيح وهو أن لا يبقى على أحد شقي وجهه عين ولا حاجب إلا استوى انتهى .
وفي المصباح قال ابن فارس : المسيح الذي مسح أحد شقي وجهه ولا عين ولا حاجب ، وسمي الدجال مسيحا لأنه كذلك انتهى .
وبالفارسية كور محو كرده شده جشم .
وعند الشيخين من حديث عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور إن المسيح الدجال أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ( ليس بناتئة ) : أي مرتفعة فاعلة من النتوء ( ولا جحراء ) : بفتح جيم وسكون حاء أي ولا غائرة والجملة المنفية مؤكدة لإثبات العين الممسوحة وهي لا تنافي أن الأخرى ناتئة بارزة كنتوء حبة العنب قاله القاري ، وفي بعض النسخ ولا جخراء بجيم فخاء
قال في المجمع : هي الضيقة ذات غمص ورمص ، وامرأته جخراء إذا لم تكن نظيفة المكان .
وقال في النهاية : في باب الجيم مع الحاء ولا جحراء أي غائرة منجحرة في نقرتها .
وقال الأزهري : هي بالخاء وأنكر الحاء انتهى
( فإن ألبس عليكم ) : بصيغة المجهول أي إن اشتبه عليكم أمر الدجال بنسيان ما بينت لكم من الحال أو إن لبس عليكم أمره بما يدعيه من الألوهية بالأمور الخارقة عن العادة قاله القاري .
قلت : وفي بعض النسخ فإن التبس . وهذا يؤيد الاحتمال الثاني من الاحتمالين الذين ذكرهما القاري بل يعينه ( فاعلموا أن ربكم ليس بأعور ) : أي أقل ما يجب عليكم من معرفة صفات الربوبية هو التنزيه عن الحدوث والعيوب لا سيما النقائص الظاهرة المرئية ( قال أبو داود ، عمرو بن الأسود ولي القضاء ) : هو عمرو بن الأسود العنسي الدمشقي أحد زهاد الشام مخضرم ثقة عابد مات في خلافة معاوية أخرج أحمد في مسنده عن عمر " من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود " .
قال المنذري : وأخرجه النسائي وفي إسناده بقية بن الوليد وفيه مقال .