باب ذكر طلحة بن عبيد الله 2
بطاقات دعوية
عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شلت (41) [يوم أحد 5/ 33].
كان الصَّحابةُ الكِرامُ رِضْوانُ اللهِ عليهم يُحِبُّونَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَفْدُونَه بأرْواحِهم وأنفُسِهم وأمْوالِهم؛ بلْ ويَتَفانَوْنَ في تَعْظيمِه والدِّفاعِ عنه، وهنا يُسطِّرُ لنا طَلْحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه مَوقِفًا بُطوليًّا في دِفاعِه عنِ الحَبيبِ المُصْطَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ أحُدٍ، فيُخبِرُ التَّابِعيُّ قَيسُ بنُ حازِمٍ بما رَأى مِن حالِ طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه مِن كَونِ يَدِه الَّتي كان يَقي بها رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَدفَعُ بها شَرَّ عَدُوِّه؛ قد شَلَّت.
وكانت غَزْوةُ أحُدٍ في السَّنةِ الثَّالثةِ منَ الهِجْرةِ بيْنَ مُشْرِكي مكَّةَ والمُسلِمينَ، وانهَزَمَ فيها المُسلِمونَ بسبَبِ مُخالَفةِ الرُّماةِ لأوامِرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَراجَعَ المُسلِمونَ، وانكشَفَ مَوقِعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يَثبُتْ معَه وحَولَه إلَّا القَليلُ منَ المُهاجِرينَ والأنْصارِ، ومنهم طَلْحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ.
وقد كان طَلْحةُ رَضيَ اللهُ عنه مِن أهلِ النَّجْدةِ والشَّجاعةِ، وثَباتِ القَدَمِ في الحَربِ، وقد شَلَّتْ يَدُه بسبَبِ أنَّه وقَى بها رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وذلك أنَّه لمَّا ولَّى المُسلِمونَ يَومَ أحُدٍ، تَحيَّزَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الجَبلِ، فلَفَّ طَلْحةُ فصَحِبَه، وكان معَهما اثْنَا عشَرَ رَجلًا مِن الأنْصارِ، فلَحِقَهمُ المُشرِكونَ، فاسْتأذَنَ طَلْحةُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قِتالِهم، فلمْ يَأذَنْ له، واسْتأذَنَه أنْصاريٌّ، فأذِنَ له، فقاتَلَ عنه حتَّى قُتِلَ، وما زالوا على هذه الحالِ، حتَّى قُتِلَ الاثْنا عشَرَ، ولَحِقَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالجَبَلِ ومعَه طَلْحةُ، فاتَّقى عنه بيَدِه، حتَّى شَلَّت مِن كَثْرةِ ما أصابَها.
وفي الحَديثِ: عَظيمُ تَفاني الصَّحابةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم في الوُقوفِ والدِّفاعِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَنْقَبةٌ لطَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه في اسْتِماتتِه وبَلائِه الحَسَنِ في الدِّفاعِ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: بَيانُ رَفْعِ الحَرَجِ عن ذِكرِ مَناقِبِ المَرءِ في خِدمةِ الإسْلامِ، والدِّفاعِ عنه.