باب ذم من ترك قيام الليل 2
سنن النسائي
أخبرنا الحارث بن أسد، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكن يا عبد الله مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل»
أحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدوَمُها وإنْ قَلَّ، وعلى العَبدِ أنْ يَصبِرَ نفْسَه في طَريقِ الطاعةِ، ويَأخُذَها بالرِّفقِ؛ حتَّى لا تَضعُفَ أو تَمَلَّ، فتَنقطِعَ عن العبادةِ
وفي هذا الحديثِ يَذكُرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجُلًا لعَبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه كان يَقومُ اللَّيلَ ثمَّ ترَكَ القِيامَ، ويُحذِّرُه مِن الإفراطِ والتَّشديدِ على نَفْسِه؛ حتَّى لا يَترُكَ قِيامَ اللَّيلِ كما ترَكَه هذا الرَّجلُ؛ لأنَّ المُقبِلَ على اللهِ عزَّ وجلَّ بالعملِ إذا تَرَكَه مِن غَيرِ عُذرٍ، كان كالمُعرِضِ بعْدَ الوصْلِ؛ فهو مُعرَّضٌ للذَّمِّ، وأيضًا فإنَّ دَوامَ العملِ وإيصالَه ربَّما حَصَل للعبدِ به في عَملِه الماضي ما لا يَحصُلُ له فيه عندَ قَطعِه؛ فإنَّ اللهَ يُحِبُّ مُواصلةَ العملِ ومُداومتَه، ويَجزي على دَوامِه ما لا يَجْزي على المُنقطِعِ منه
وفي الحديثِ: فَضيلةُ الدَّوامِ على ما اعتادَهُ المرْءُ مِن الخيرِ مِن غَيرِ تَفريطٍ أو إفراطٍ
وفيه: التَّحذيرُ مِن قَطْعِ أعمالِ التَّطوُّعِ والنَّوافلِ
وفيه: الحثُّ على قِيامِ اللَّيلِ
وفيه: جَوازُ ذِكرِ الشَّخصِ بما فيه مِن عَيبٍ إذا قُصِد بذلك التَّحذيرُ مِن فِعلِه