باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة 4
بطاقات دعوية
وعنه، قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب خمرا، قال: «اضربوه»
قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه. فلما انصرف، قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: «لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان». رواه البخاري. (1)تستحق الأمة المملوكة نصف الحد الذي يجب على المرأة الحرة إن ارتكبت فاحشة الزنى؛ قال تعالى: {فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25]، ومرتكب الزنى إذا عوقب بالحد، ثم زنى مرة أخرى فإنه يقام عليه الحد مرة أخرى، وهكذا.
وفي هذا الحديث يأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان عنده أمة -وهي المرأة المملوكة- ثم زنت وتبين زناها -سواء بالبينة، أو بالحمل، أو باعترافها- أن يقيم عليها الحد -وهو خمسون جلدة-، ولا يثرب عليها، فلا يلومها ولا يوبخها؛ لأن الحد كفارة للذنب، ثم إن تكرر منها الزنى أقام عليها الحد ولا يلومها أيضا، ثم إن زنت مرة ثالثة فإنه يبيعها ولو بحبل من شعر، أي: بعد جلدها حد الزنا، ولم يذكره اكتفاء بما قبله، فيبيعها بأي ثمن ولو كان رخيصا ليس له قيمة، وهذا مبالغة في التحريض على بيعها وليس من باب إضاعة المال، وهذا التحريض؛ لأنها أصبحت فاسقة يصعب صلاحها عنده، وعلى المسلم الصالح ترك مخالطة الفساق وأهل المعاصي وفراقهم، فيبيعها، لعلها تستعف عند المشتري بأن يعفها بنفسه، أو يصونها بهيبته، أو بالإحسان إليها والتوسعة عليها، أو يزوجها، أو غير ذلك.
وفي الحديث: أن السيد يقيم الحد على عبده وأمته.
وفيه: التنبيه على ترك توبيخ صاحب المعصية خاصة إذا أقيم عليه الحد.
شرب الخمر من المعاصي والجرائم التي تستوجب العقوبة، وإقامة الحد على العاصي يكون مطهرة للمذنب، وينبغي للمجتمع أن يأخذ بيد المذنب بعد العقوبة؛ ليبعده عن طريق الغواية والشر، ولا يتلقوه بالمعايرة والتقبيح
وفي هذا الحديث يروي أبو هريرة رضي الله عنه أنه جيء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل قد شرب خمرا ، والخمر: كل ما كان سببا في الإسكار وتغييب العقل، فقال صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم: «اضربوه»، ولم يحدد لهم عددا ولا صفة للضرب، قال أبو هريرة رضي الله عنه: «فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله» وهو ما يلبس في القدم، «والضارب بثوبه» أي: بعد فتله؛ للإيلام. فلما انصرف الرجل بعد الانتهاء من ضربه، قال بعض القوم -قيل: هو عمر بن الخطاب-: «أخزاك الله!» أي: أذلك الله وأهانك، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لأنه قد يكون هذا سببا في غلبة الشيطان عليه؛ لذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعينوا عليه الشيطان»، وفي رواية عند البخاري: «لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم»؛ لأن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي، فإذا دعوا عليه بالخزي فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان، أو لأنه إذا سمع منكم ذلك انهمك في المعاصي، وحمله العناد والغضب على الإصرار، فيصير دعاؤكم معونة في إغوائه وتسويله
وفي الحديث: النهي عن لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة
وفيه: رعاية الشرع لأحوال المذنب بعد إقامة العقوبة عليه، بعدم تعييره بها