باب شراء المملوك من الحربي، وهبته، وعتقه
بطاقات دعوية
عن سعد عن أبيه (إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لصهيب: اتق الله، ولا تدع إلى غير أبيك.
فقال صهيب: ما يسرني أن لي كذا وكذا، وأني قلت ذلك، ولكني سرقت وأنا صبي (123)
اهتَمَّ الإسلامُ بأمْرِ الأنسابِ، وأمَرَ بحِفظِها وصِيانتِها، وشرَّعَ مِن التَّشريعاتِ ما تُصانُ به مِن التَّداخُلِ، ومِن هذه التَّشريعاتِ تَحريمُ أنْ يَنتسِبَ المرْءُ لغَيرِ أبيهِ.
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ الصَّحابيُّ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ الصَّحابيَّ صُهيبًا الرُّوميَّ رَضيَ اللهُ عنهما مِن أنْ يَنتسِبَ لغَيرِ أبيهِ، بعْدَ أنْ ذَكَّره بتَقْوى اللهِ، وكان صُهَيبٌ رَضيَ اللهُ عنه يَقولُ: إنَّه ابنُ سِنانِ بنِ مالِكِ بنِ عَبْدِ عَمْرِو بنِ عَقيلٍ، ويَسوقُ نَسَبًا يَنْتَهي إلى النَّمِرِ بنِ قاسِطٍ، وأنَّ أُمَّه مِن بَني تَميمٍ، وكانَ لِسانُه أعْجميًّا؛ لأنَّهُ رُبِّيَ بيْن الرُّومِ، فَغَلَبَ عليه لِسانُهم.
وأنْكَرَ ذلِك عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ رَضيَ اللهُ عنه على صُهَيبٍ؛ ظَنًّا مِنهُ أنَّه يَنتَسِبُ إلى غَيرِ أبيهِ؛ لِما في ذلك مِن مُخالَفةٍ شَرعيَّةٍ، فَرَدَّ عليه صُهَيبٌ رَضيَ اللهُ عنه مُؤكِّدًا أنَّه لا يَنتسِبُ إلى غيرِ أبيهِ، قال: ما يَسُرُّني أنَّ لي كَذا وكذا، وأنِّي ادَّعَيتُ إلى غَيرِ أبي، ولكِنِّي سُرِقْتُ وأنا صَبِيٌّ؛ وذلك أنَّ أباهُ كان عامِلًا لِكِسرى عَلى الأُبُلَّةِ، وكانتْ مَنازلُهم بأرضِ المَوصِلِ، فأغارتْ عَلَيهم الرُّومُ، فَسَبَتْ صُهَيبًا، فَنَشأَ عندَ الرُّومِ فصارَ أَلْكَنَ، فابتاعَهُ رَجُلٌ مِن كَلْبٍ مِنهم، وقَدِمَ به مَكَّةَ، فاشتراهُ ابنُ جُدْعانَ وأَعْتَقَه.