باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه
بطاقات دعوية
عن الزهري قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن أخت النمر: ما سمعت فى سكنى مكة؟ قال سمعت العلاء بن الحضرمى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«ثلاث (87) للمهاجر بعد الصدر».
كانتِ الهِجْرةُ مِن مكَّةَ إلى المَدينةِ خُروجًا في سَبيلِ اللهِ تعالَى، وهِجْرةً إلى رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ جعَلَ اللهُ أجْرَها عَظيمًا للمُهاجِرينَ، وقد أُمِرَ المُهاجِرونَ ألَّا يُقيموا في مَكَّةَ بعْدَ فَتحِها؛ إتْمامًا لهِجرتِهم.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي عبدُ الرَّحمنِ بنُ حُمَيدٍ الزُّهْريُّ أنَّ أميرَ المؤمِنينَ عُمَرُ بنُ عبدِ العَزيزِ سَأَلَ السَّائبَ بنَ يَزيدَ رَضيَ اللهُ عنه -وكان مِن أصْحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عمَّا سَمِع في سُكْنى مكَّةَ لمَن هاجَرَ منها قبْلَ الفَتحِ، فأجابَه أنَّه قدْ سَمِع العَلاءَ بنَ الحَضْرَميِّ رَضيَ اللهُ عنه يُخبِرُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ رخَّص للمُهاجِرينَ في الإقامةِ بمكَّةَ بعْدَ الصَّدَرِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، والمُرادُ بالصَّدَرِ، أي: بعْدَ أنْ يَعودَ مِن مِنًى، ويَطوفَ بالبَيتِ طَوافَ الرُّكنِ، والمُرادُ الانْتِهاءُ مِن أعْمالِ الحجِّ ومَناسِكِه، فلا يَصِحُّ للمُهاجِرِ أنْ يظَلَّ في مكَّةَ أكثَرَ مِن ثَلاثةِ أيَّامٍ؛ لأنَّ الانتِظارَ أكثَرَ مِن ذلك يُشبِهُ الإقامةَ فيها دونَ عُذرٍ شَرعيٍّ، والمُهاجِرُ مَأْمورٌ ألَّا يُقيمَ في البلَدِ الَّتي هاجَرَ منها، وهي مكَّةُ؛ قيلَ: ذلك لأنَّ المُحافَظةَ على الهِجرةِ وفَضْلِها أفضَلُ مِن الإقامةِ في مكَّةَ.