باب على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف
بطاقات دعوية
عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"على كل مسلم صدقة"، فقالوا: يا نبي الله! فمن لم يجد؟ قال:
"يعمل بيده، فينفع نفسه ويتصدق"، قالوا: فإن لم يجد؟ قال:
"يعين ذا الحاجة الملهوف"، قالوا: فإن لم يجد؟ قال:
"فليعمل (وفي رواية: فيأمر بالخير، أو قال 7/ 79) بالمعروف، وليمسك (وفي رواية: قال: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك) عن الشر؛ فإنها له صدقة".
الصَّدقةُ التي يُخرِجُها الإنسانُ مِن مالِه في وُجوهِ البِرِّ والخَيرِ، مِن أفضَلِ الطاعاتِ، وأجَلِّ القُرباتِ عِندَ اللهِ تعالَى، ولها عَواقِبُ حَميدةٌ في الدُّنيا والآخِرةِ، والصَّدقاتُ لا تكونُ بالمال فقطْ، بل تكونُ بالمعاونةِ على الخيرِ، وكفِّ الشرِّ كذلك، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، حيثُ يُوضِّحُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ على كلِّ مُسلِمٍ صدَقةً يَتطَوَّعُ بها؛ فإنَّ الصَّدقةَ بغيرِ الزَّكاةِ المفروضةِ حَقٌّ مطلوبٌ مِن كلِّ مسلمٍ أن يُؤدِّيَه نَدْبًا واستِحبابًا، مهما كانتْ ظروفُه وأحوالُه، فمَن كان فقيرًا لا يملِكُ مالًا يَتصدَّقُ منه، فليَعمَلْ بيَدِه؛ حتَّى يَكونَ قادرًا على الكسبِ ليَنفَعَ نفْسَه، وذلك بالإنفاقِ عليها وعلى أهلِه ومَن يَعولُهم، وما زاد يَتصدَّقُ به على غيرِه، فإنْ لم يَجِدِ المالَ لِيَتصَدَّقَ به فيُعينُ صاحِبَ الحاجةِ المَلهوفَ، وهو العاجِزُ أو المظلومُ، وكذلك كلُّ مَن وقعَتْ له مُصيبةٌ واستغاثَ عليها؛ «فإنْ لم يجِدْ»، أي: إذا لم يَستطِعْ إعانةَ صاحِبِ الحاجةِ على حاجتِه؛ فلْيَعمَلْ بالمَعروفِ مِن الطاعاتِ، فلْيَأْتِ بنَوافلِ العِباداتِ البَدَنيَّةِ؛ مِن صَلاةٍ، وصِيامٍ، وقِراءةِ قُرآنٍ وغيرِ ذلك، ولْيُمسِكْ عن الشرِّ، فيَتجنَّب المُحرَّماتِ؛ مِن غِيبةٍ ونميمةٍ وكذِبٍ وإيصال أيِّ شَرِّ أو إيذاءٍ للعِبادِ؛ فإنَّ فِعلَ الخَيرِ والكَفَّ عن الشرِّ له ثَوابُ الصَّدقةِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الصَّدقةَ مَطلوبةٌ مِن كلِّ مُسلِمٍ؛ غنيًّا كان أو فقيرًا، كلٌّ على قدْرِ استِطاعتِه
وفيه: أنَّ أعمالَ الخَيرِ إذا حسُنَتِ النِّيَّاتُ فيها، تنزَّلَتْ مَنزِلةَ الصَّدقاتِ في الأجورِ، ولا سيَّما في حقِّ مَن لا يَقدِرُ على الصَّدقةِ
وفيه: أنَّ الصَّدقةَ في حقِّ القادِرِ عليها أفضَلُ مِن سائرِ الأعمالِ المقصورةِ على فاعلِها
وفيه: حُجَّةٌ لِمَن جعَل التَّرْكَ عمَلًا وكسبًا للعبدِ
وفيه: فضلُ التَّكسُّبِ؛ لِمَا فيه مِن الإعانةِ وتقديمِ النَّفسِ على الغَيرِ
وفيه: أنَّ أبوابَ الخَيرِ كثيرةٌ، والطَّريقَ إلى مَرضاةِ اللهِ غيرُ مَعدومةٍ