باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه
بطاقات دعوية
حديث عائشة عن عروة، قال: ذهبت أسب حسان عند عائشة، فقالت: لا تسبه، فإنه كان ينافح عن النبي صلى الله عليه وسلم
كان كفار قريش يهجون النبي صلى الله عليه وسلم، ويحرضون على هجائه بالشعر، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة من أصحابه أن يردوا عليهم ويهجوهم كما فعلوا به، وكان من شعراء النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وكان من الذين يهجونه من قريش: عمرو بن العاصي، وعبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وابن عمه
وفي هذا الحديث تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن حسان بن ثابت رضي الله عنه -وكان من أبرز الشعراء- استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يهجو المشركين من قريش، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «فكيف بنسبي؟» يعني: أنك لو هاجيت قريشا فإنك ستطال نسبي؛ لكوني من قريش، فكيف تفعل في ذلك؟ فقال حسان رضي الله عنه: «لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين»، يعني: لأخلصن نسبك من نسبهم بحيث يختص الهجاء بهم دونك، كما تنزع الشعرة من العجين، فلا تنقطع ولا يتعلق بها شيء لنعومتها
وكذلك فعل حسان رضي الله عنه؛ فإنه لما هجا أبا سفيان بن الحارث -وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال:
وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
أراد جده من طرف أمه؛ وذلك أن أم عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي طالب، والزبير بن عبد المطلب: فاطمة بنت عمرو المخزومية، وأم الحارث سمراء بنت جندب من هوازن
وكان التابعي عروة بن الزبير ذات مرة عند خالته عائشة رضي الله عنها، وأراد أن يسب حسان بن ثابت رضي الله عنه؛ لأنه كان ممن تكلم وردد كلام الإفك في شأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فمنعته عائشة رضي الله عنها، وقالت: إنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: يدافع ويذب عنه بشعره هجاء للمشركين
وفي الحديث: هجاء المشركين أهل الحرب إذا سبوا المسلمين، والانتصار منهم بذمهم وذكر كفرهم وقبيح أفعالهم، وأذاهم بكل ما يقدر عليه؛ لكف أذاهم ومجازاتهم بهجوهم المسلمين؛ فإن المشركين إذا علموا أنهم سيجازون على قولهم كفوا
وفيه: فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها، حيث دافعت عن حسان رضي الله عنه ونهت عن سبه، مع أنه خاض في الإفك؛ وإنما فعلت ذلك لأنه كان يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم