باب غزوة الأحزاب وهي الخندق

بطاقات دعوية

باب غزوة الأحزاب وهي الخندق

حديث البراء رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل التراب، وقد وارى التراب بياض بطنه، وهو يقول:
لولا أنت ما اهتديناولا تصدقنا ولا صلينافأنزل السكينة عليناوثبت الأقدام إن لاقيناإن الألى قد بغوا عليناإذا أرادوا فتنة أبينا

لقد جاهد الصحابة رضي الله عنهم في الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الجهاد؛ لإعلاء كلمته، وتنفيذا لأمره، ومجاهدة لأعدائه، فأوذوا وصبروا لله ابتغاء ما عند الله سبحانه وتعالى، ففازوا بخيري الدنيا والآخرة
وفي هذا الحديث يخبر البراء بن عازب رضي الله عنهما عن مشاركة رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في حفر الخندق، وهو الحفرة العميقة والطويلة حول شيء معين، أو في جهة معينة، وقد حفر النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الخندق شمال المدينة لتحصين المدينة من المشركين وحلفائهم في غزوة الأحزاب، والتي وقعت سنة خمس من الهجرة، وكان صلى الله عليه وسلم يباشر الحفر، ويحمل التراب بيده الشريفة مع المسلمين؛ تواضعا منه صلى الله عليه وسلم، وترغيبا لهم في الأجر حتى غطى التراب جلد بطنه صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم كثير الشعر، وكان عند نقله التراب من الخندق ينشد بعض أبيات من الشعر قالها عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، وهي:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
والمعنى: كان هدانا بسبب هداية الله لنا، فلولا أن الله وحده هو المتفضل بالهداية، لوقعنا في الضلال، ولا عرفنا الصدقة ولا الصلاة
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا
أي: فامنحنا يا ربنا الطمأنينة والاستقرار، وثبت أقدامنا إن لاقينا أعداءك من الكفار وغيرهم، ولا تجعلنا نهرب منهم
إن الألى قد بغوا علينا *** وإن أرادوا فتنة أبينا
أي: إن الذين ظلمونا واعتدوا علينا يريدون أن يفتنونا عن ديننا، وإننا نأبى ذلك
وكان صلى الله عليه وسلم يمد صوته بقوله: «أبينا»
واستشكل إنشاده صلى الله عليه وسلم الشعر، مع قوله تعالى: {وما علمناه الشعر} [يس: 69]، وأجيب: بأن الممتنع عليه صلى الله عليه وسلم إنشاء الشعر لا إنشاده، ولم يثبت عنه الإنشاء
وقد من الله على المسلمين بنصره، فهزم الأحزاب وحده، وسلط عليهم الريح والملائكة، وانتصر المسلمون فيها بغير قتال بمنه وفضله سبحانه وتعالى، كما قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا} [الأحزاب: 9]
وفي الحديث: إنشاد بعض الشعر الحماسي أثناء العمل والجهاد
وفيه: مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الأعمال الكبيرة تشجيعا لهم
وفيه: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
وفيه: استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر
وفيه: تسلية الجيش وتنشيطه