باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي الله عنهما
بطاقات دعوية
حديث عبد الله بن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده
جاء الإسلام ليعدل بين البشر، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، قال الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بعثا -وهو الجيش- وجعل أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما أميرا عليه، فطعن بعض الناس في إمارته، وتكلموا فيها، وأنه لا يصلح لها، وإنما طعنوا فيه؛ لكونه كان مولى، أي: عبدا، وقد كانت العرب تستنكف من اتباع الموالي، وقيل: إنما كان الطاعن فيه من ينسب إلى النفاق، فلما سمع صلى الله عليه وسلم بذلك قال: «أن تطعنوا في إمارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل»، يعني: في إمارة زيد بن حارثة رضي الله عنه، وتقدير الكلام: إن تطعنوا في إمارته، فقد أثمتم بذلك؛ لأن طعنكم بذلك ليس حقا، كما كنتم تطعنون في إمارة أبيه، وقد ظهرت كفاءته وصلاحيته للإمارة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل زيدا رضي الله عنه أميرا على المسلمين في غزوة مؤتة في السنة الثامنة من الهجرة، وكانت على أطراف ملك الروم، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم ابنه أسامة لقتال الروم، حيث قتل زيد بن حارثة، وهو البعث الذي أمر بتجهيزه عند موته عليه الصلاة والسلام، وأنفذه أبو بكر رضي الله عنه بعده، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وايم الله»، أي: أقسم بالله، «إن كان» زيد «لخليقا للإمارة»، يعني: جديرا بها؛ لسوابقه وفضله، وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، «وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا» يشير إلى أسامة «لمن أحب الناس إلي بعده»، فأسامة وزيد رضي الله عنهما من مجموع من يحبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدمهم على غيرهم من الصحابة، كحبه صلى الله عليه وسلم لفاطمة وابنيها، وعائشة وأبيها رضي الله عنهم جميعا
فشهد النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة وأبيه رضي الله عنهما بأنهما صالحان للإمارة؛ لما يعلم من أهليتهما لها، وأن كونهما كانا من العبيد لا يغض منهما، ولا يقدح في أهليتهما للإمارة
وفي الحديث: بيان فضل أسامة بن زيد وأبيه رضي الله عنهما، وأنهما كانا من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفيه: مشروعية إمارة الموالي، وتولية الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل