باب فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه للاستماع والبكاء عند القراءة والتدبر
بطاقات دعوية
حديث عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي قال: قلت أقرأ عليك، وعليك أنزل قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال لي: كف أو أمسك فرأيت عينيه تذرفان
تلاوة القرآن بخشوع والاستماع إليه مما يؤثر في النفوس ويعين على تدبره، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن بنفسه أحيانا، ويسمعه من أصحابه أحيانا أخرى
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يقرأ عليه القرآن، ويستمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلاوته، فسأل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يقرؤه عليه، والحال أن القرآن قد أنزل عليه صلى الله عليه وسلم؟! قال: «أأقرأ عليك وعليك أنزل؟» فأجابه صلى الله عليه وسلم بأنه يحب أن يسمعه من غيره، ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أحب أن يسمعه من غيره؛ ليكون عرض القرآن سنة، أو ليتدبره ويتفهمه؛ وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ؛ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها
فقرأ ابن مسعود رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم من أول سورة النساء حتى بلغ قول الله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، فطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوقف عن القراءة، فتوقف ابن مسعود رضي الله عنه عن القراءة، ونظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان، أي: يجري دمعهما ويسيل، قيل: بكاؤه صلى الله عليه وسلم على المفرطين في حق الله عز وجل، أو لعظم ما تضمنته الآية من هول المطلع وشدة الأمر، أو هو بكاء فرح لا بكاء جزع؛ لأنه تعالى جعل أمته شهداء على سائر الأمم
وفي الحديث: الاستماع إلى قارئ القرآن، ولو كان المستمع من حفاظه؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعا لسنته
وفيه: أن سماع القرآن فيه ثواب كما في تلاوته
وفيه: البكاء عند سماع القرآن
وفيه: الأمر بقطع تلاوة القرآن للمصلحة