باب فضل التأذين
بطاقات دعوية
عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"إذا نوديَ للصلاةِ أَدْبَرَ الشيطانُ وله ضُرَاطٌ؛ حتى لا يَسمَعَ التأذينَ، فإذا قضَى النداءَ أَقبَلَ، حتى إذا ثُوِّبَ للصلاةِ أَدْبرَ، حتى إذا قضَى التثويبَ أقبَلَ؛ حتى يَخْطِرَ بينَ المرءِ ونفْسِه (وفي رواية: وقلبه) يقول اذكُرْ كذا، اذكُرْ كذا، لما لم يكن يذكُرُ [فلبَّس عليهِ] حتى يظَلَّ الرجلُ لا يَدري كم صلَّى، (وفي روايةٍ: لا يَدْري أثلاثاً صلَّى أم أربعاً؟). [فإذا لم يدرِ أحدُكم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟ فلْيَسْجد سجدتين (وفي روايةٍ: سجدَتَي السَّهوِ) وهو جالس] ".
ما زال إبليسُ منذُ أنْ طردَه اللهُ مِن رَحمتِه يُحاولُ غَوايةَ الإنسانِ، ولكنَّه إذا سمِعَ الأذانَ والإقامةَ، فإنَّه -كما في هذا الحديثِ-
يُدْبِرُ ويَهرُبُ وله ضُراطٌ؛ حتَّى لا يَسمعَ التَّأذينَ، لشِدَّةِ خَوفِه عندَ إدْبارِه، فإذا انقضَى الأذانُ رجَع الشَّيطانُ إلى الإنسانِ لِيُوَسْوِسَ إليه ويُلْهيَهُ عن أعمالِ الطَّاعةِ، ثُمَّ إذا ثُوِّبِ لِلصَّلاةِ، أي: أُقيمَ لها هرَبَ مرَّةً أخرى، وإنَّما يَهرُبُ لِما يَسمَعُه مِن شَهادةِ التَّوحيدِ وإقامةِ الشَّريعةِ كما يَفعلُ يَومَ عَرفةَ؛ ولِمَا يَرى مِن اتِّفاقِ الكلِّ على شَهادةِ التَّوحيدِ للهِ تعالَى، وتَنزُّلِ الرَّحمةِ عليهم، ويَأْسِه مِن أنْ يَرُدَّهم عمَّا أعلَنوا به مِن ذلك، ويُوقِنُ بالخَيبةِ بما تفضَّلَ اللهُ عليهم مِن ثَوابِ ذلك؛ ولذلك فإنَّه يعودُ بعْدَ الأذانِ والإقامةِ؛ لِيُوَسْوِسَ للإنسانِ وهو في صَلاتِه؛ فيقولَ له: «اذكُرْ كذا اذكُرْ كذا» يريدُ أنَّه يُذَكِّرُه مِن أمورِ الدُّنيا خاصَّةً الأمورَ التي لم تكُنْ تَشغَلُه وهو خارجَ صلاتِه، فيظَلُّ الشَّيطانُ بالمصَلِّي حتَّى يَلْبِسَ عليه صَلاتَه فلا يَدري المصلِّي كَمْ صلَّى، وهو إشارةٌ إلى نِسيانِه عددَ الرَّكَعاتِ وأجزاءً مِن صَلاتِه، فيَزيدُ فيها ويَنقُصُ؛ لانشغالِه بوَسوسةِ الشَّيطانِ.
وفي الحديثِ: فضلُ الأذانِ والإقامةِ، وما لهما مِن أثرٍ في هُروبِ الشَّيطانِ وبُعدِه بوَساوِسِه عن المُسلِمِ.
وفيه: تَنبيهٌ للمصَلِّي إلى الخُشوعِ في صَلاتِه وصَرفِ نفْسِه عن وَساوِسِ الشَّيطانِ، وأنْ يكونَ مُقْبِلًا بقلبِه على الله عزَّ وجلَّ.