باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة 7
بطاقات دعوية
عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف فى أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلاف؟ قال: إنما هاجر به أبواه. يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه.
1664 و 1665 - عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر: هل تدرى ما قال أبى لأبيك؟ قال قلت: لا. قال: فإن أبى قال لأبيك: يا أبا موسى، هل يسرك إسلامنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهجرتنا معه، وجهادنا معه، وعملنا كله معه، برد لنا (81)، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا؛ رأسا برأس؟ فقال أبي: لا والله؛ قد جاهدنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصلينا، وصمنا، وعملنا خيرا كثيرا، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجو ذلك. فقال أبي: لكنى أنا -والذى نفس عمر بيده- لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شىء عملناه بعد نجونا منه كفافا؛ رأسا برأس.
فقلت: إن أباك -والله- خير من أبي.
فضَّلَ اللهُ تعالَى السَّابِقينَ الأوَّلينَ في الإسْلامِ، وخصَّهم بالمَنازِلِ العُلْيا في الجنَّةِ، وقال: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: 10]؛ وذلك لأنَّ هؤلاء النَّفَرَ همْ مَن أقامَ اللهُ بهم هذا الدِّينَ، ولمَّا كان الفاروقُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أعرَفَ النَّاسِ بحقِّهم، فضَّلَهم على مَن سِواهم في العَطاءِ.
وفي هذا الأثرِ يَحْكي عبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ والِدَه عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه كان يَقسِمُ العَطايا، وذلك مِن المَغانِمِ، والفَيءِ، ونَحْوِ ذلك، فيَقسِمُ للنَّاسِ على حسَبِ مَراتِبِهم، فجَعَلَ للمُهاجِرينَ الأوَّلينَ -وهمُ الَّذين صلَّوْا إلى القِبلَتَينِ، وقيلَ: همُ الَّذين شَهِدوا بَدرًا- في بَيتِ المالِ لكلِّ واحدٍ أربعةَ آلافٍ في أربَعةٍ، قيلَ: هو تَكْرارُ الأربعةِ آلافٍ، فكانتْ تلك الأربَعةُ على مرَّتَينِ، وقيلَ: مَعْناه في أربع سِنينَ، وجَعَلَ لابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما ثَلاثةَ آلافٍ وخَمسَ مِئةٍ، فقيلَ له: إنَّ ابنَه عبدَ اللهِ منَ المُهاجِرينَ، فلِماذا نقَصْتَه مِن أربَعةِ آلافٍ خَمسَ مِئةٍ؟ فأجابَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: إنَّما هاجَرَ به أبواه، وكان عُمُرُه حينَئذٍ إحْدى عَشْرةَ سَنةً وأشهُرًا، يقولُ: ليس هو كمَن هاجَرَ بنفْسِه، يَعني: لم يَتحمَّلْ منَ العَناءِ مِثلَ مَن هاجَرَ بنفْسِه.
وفي الحَديثِ: ورَعُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، وشدَّةُ مُحاسَبتِه لنفْسِه في أمْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: مُراجَعةُ الحاكِمِ في أمْرٍ لم تَفهَمْه الرَّعيَّةُ.
وفيه: تَوضيحُ الحاكِمِ لرَعيَّتِه ما صعُبَ عليهم فَهمُه.
وفيه: فَضلُ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، حيث إنَّه لم يُراجِعْ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه فيما فرَضَه له.