باب فضل الصف المقدم 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، قال: سمعت طلحة بن مصرف يقول: سمعت عبد الرحمن ابن عوسجة يقول:
سمعت البراء بن عازب يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول" (1).
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه أحكامَ صَلاةِ الجماعةِ، ومِن ذلِك الأمرُ بإتمامِ الصُّفوفِ، والوُقوفِ في الصَّفِّ الأوَّلِ وإتمامِه، ثمَّ الصَّفِّ الثَّاني، وهكذا إلى أنْ تتِمَّ جميعُ الصُّفوفِ ويتراصَّ النَّاسُ فيها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ العِرباضُ بنُ ساريةَ الأنصاريُّ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَستغفِرُ"، أي: يطلُبُ الغُفرانَ مِن اللهِ تَعالَى، وهو سَتْرُ الذُّنوبِ ومُحوُها، "للصَّفِّ المُقدَّمِ ثلاثًا"، أي: ثلاثَ مَرَّاتٍ، والصَّفُّ المُقدَّمُ هو الصَّفُّ الأوَّلُ والَّذي يَلِي الإمامَ مُباشرةً، "وللثَّاني مَرَّةً" للصَّفِّ الثَّاني، وكان يَستغفِرُ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (مَرَّةً) ولا يَستغفِرُ لغيرِهما؛ بيانًا لأفضليَّةِ الصَّفِّ الأوَّلِ ثمَّ الَّذي يَلِيه، كما في حديثٍ آخرَ عندَ أبي داودَ والنَّسائيِّ وابنِ ماجه، عنِ البَراءِ بنِ عازبٍ، قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: "إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّونَ على الصَّفِّ الأوَّلِ"، والصَّلاةُ مِن اللهِ تعالى: ثناؤُه على العبْدِ في الملأِ الأعْلَى، وأمَّا الصَّلاةُ: مِن الملائكةِ فهي الدُّعاءُ والاستغفارُ، وقد أخرَجَ أبو داودَ والنَّسائيُّ عن أُبَيِّ بنِ كعْبٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "الصَّفُّ المُقدَّمُ على مثْلِ صَفِّ الملائكةِ، ولو تَعلمونَ فَضيلتَه لَابْتدرتُموه"، أي: فيه مِن الفضْلِ والأجْرِ ما يَحثُّكُم على المُسارعةِ إليه؛ لأنَّه يُشْبِهُ اصطفافَ الملائكةِ عندَ اللهِ سُبحانَه.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على المُسارعةِ إلى صَلاةِ الجماعةِ واللِّحاقِ بالصَّفِّ الأوَّلِ.