باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبي شهود يوم الجمعة، أو على النساء
بطاقات دعوية
عن ابنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بن الخطابِ بينَما هوَ قائمٌ في الخُطبةِ يومَ الجُمعةِ؛ إذْ دخَلَ رَجلٌ منَ المهاجرينَ الأوَّلينَ، منْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فناداهُ عُمَرُ: أيةُ ساعةٍ هذِه؟ قالَ: إِني شُغلتُ فلَم أَنقلِبْ إِلى أهلي، حتى سمعتُ التَّأذينَ، فلَمْ أَزِدْ أنْ توضَّأتُ، فقالَ: والوُضوءَ أيضاً، وقد عَلِمتَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يأمُرُ بالغُسلِ؟!
الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ مِن أبرزِ خصائصِ هذه الأمَّةِ، ومِن أسبابِ خَيرتِها، وقد أَهلكَ اللهُ أُمَمًا قبْلَ ذلك؛ لِتركِها الأمرَ بِالمعروفِ والنَّهيَ عَنِ المنكرِ؛ فكلُّ مسلمٍ مأمورٌ بأنْ يأمرَ بِالمعروفِ ما استطاعَ، وينهى عَنِ المنكَرِ ما استطاعَ؛ ولَمَّا كان عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه مِن أشدِّ النَّاسِ في الحقِّ، لم يكنْ يَتركُ الأمرَ بالمعروفِ حيثُما كان،
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ الله بنُ عُمرَ أنَّ أباهُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه في خِلافتِه كان قائمًا يَخطُبُ الجُمعةَ، فدخَل رجُلٌ مِنَ المهاجرينَ الأوَّلينَ، وهو عثمانُ بنُ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه -كما في رواية الموطَّأِ- فلمَّا رأى عُمرُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه جاءَ متأخِّرًا قال له: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟! إنكارًا عليه لِتأخُّرِه، فأجابه عثمانُ رَضيَ اللهُ عنه: بأنَّه شغلَتْه بعضُ الأمورِ فلمْ يرجعْ بيتَه حتَّى سمِعَ الأذانَ، فتوضَّأَ سريعًا ولم يَغتسلْ حتَّى يُدرِكَ الجمعةَ، فقال له عُمرُ رَضيَ اللهُ عنه: «والوضوءَ أيضًا، وقد علِمْتَ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يأمرُ بِالُغسلِ!» وهذا إنكارٌ ثانٍ مِن عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه على عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه، والمعنى: وترَكْتَ الغُسلَ أيضًا لِلجُمعةِ، واقتصَرْتَ على الوُضوءِ؟! ألم يَكفِكَ أنْ أخَّرْتَ الوقتَ وفَوَّتَّ فضيلةَ السَّبْقِ حتَّى أتبعْتَه بتَركِ الغُسلِ والقناعةِ بالوُضوءِ، وقد سمِعتَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأمُرُ بِالغُسلِ يَومَ الجُمعةِ! والأمرُ بالغُسلِ يَومَ الجُمعةِ مِن الأدبِ في الحُضورِ إلى المساجِدِ والجَماعاتِ، وهو إرشادٌ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى عمَلِ الأَولى والأفضَلِ في مِثلِ هذه المُناسَباتِ.
وفي الحديثِ: الأمرُ بِالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ، ولو كان أمامَ النَّاسِ.
وفيه: تفقُّدُ الإمامِ رَعيَّتَه، وأمْرُه لهم بمصالحِ دِينِهم، وإنكارُه على مَن أخَلَّ بِالفَضلِ.
وفيه: أنَّ الأمرَ بِالمَعروفِ والنَّهْيَ عن المُنكَرِ في أثناءِ الخُطبةِ لا يُفسِدُها.
وفيه: الحثُّ على التَّبكيرِ للجُمعةِ.
وفيه: مشروعيَّةُ الوُضوءِ للجُمعةِ، وبيانُ أنَّ الغُسلَ أفضَلُ.