باب الكيل على البائع والمعطي لقول الله تعالى {وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}؛ يعني كالوا لهم، أو وزنوا لهم، كقوله [يسمعونكم} يسمعون لكم
بطاقات دعوية
عن جابر رضي الله عنه قال: توفي [أبي 3/ 171] عبد الله بن عمرو بن حرام [يوم أحد شهيدا 3/ 84]، [وترك ست بنات3/ 199]، [وترك عليه دينا] [ثلاثين وسقا (65) لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن ينظره]، [فاشتد الغرماء في حقوقهم]، [فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه، فأبوا، ولم يروا أن فيه وفاء]، فاستعنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، (وفي رواية: فاستشفعت به) على غرمائه أن يضعوا من دينه، فطلب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فلم يفعلوا (وفي رواية: فقلت: إن أبي [استشهد يوم أحد، و] ترك عليه دينا [كثيرا]، وليس عندي إلا ما يخرج نخله، ولا يبلغ ما يخرج سنين ما عليه، فانطلق معي لكيلا يفحش علي الغرماء 4/ 172)، (وفي طريق ثان: فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي (66)، ويحللوا أبي، فأبوا، فلم يعطهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حائطي، ولم يكسره لهم، ولكن قال: "سأغدو عليك" 3/ 138)، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"اذهب؛ فصنف (وفي رواية: فبيدر) تمرك أصنافا: العجوة (67) على حدة، وعذق (68) [ابن] زيد على حدة، [واللين (69) على حدة، ثم أحضرهم]، ثم أرسل إلي [حتى آتيك] ". ففعلت، ثم أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -[فغدا علينا حين أصبح]، [ومعه أبو بكر وعمر]، [فلما نظروا إليه؛ أغروا (70) بي تلك الساعة]، [فمشى حول بيدر من بيادر التمر، فدعا، ثم آخر]، فجلس على أعلاه، أو في وسطه، (وفي رواية: فلما رأى ما يصنعون؛ أطاف حول أعظمها بيدرا (ثلاث مرات)، ثم جلس عليه، ثم قال: "ادع أصحابك": وفي رواية أخرى: (غرماءك، فأوفهم")، ثم قال: "كل للقوم"، فكلتهم حتى أوفيتهم الذي لهم، وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء (وفي رواية: فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي، ولا أرجع إلى إخوتي بتمرة، فسلم والله البيادر كلها؛ حتى إني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه لم ينقص منه تمرة واحدة)، (وفي طريق ثالث: ثم قال لجابر: "جد له (71)، فأوف له الذي له"، فجده بعدما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضلت له سبعة عشر وسقا (وفي رواية: ثلاثة عشر وسقا: سبعة عجوة، وستة لون، أو ستة عجوة، وسبعة لون)، فجاء جابر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، (وفي الطريق الثالثة: المغرب. 336 - وفيها معلقة: الظهر)، فلما انصرف أخبره بالفضل[فضحك]، فقال: "أخبر ذلك ابن الخطاب"، فذهب جابر إلى عمر، فأخبره، فقال له عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليباركن فيها، (وفي رواية: فقال: "ائت أبا بكر وعمر، فأخبرهما"، فقالا: لقد علمنا إذ صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع أن سيكون ذلك)، (وفي أخرى: ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس، فأخبرته بذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "اسمع- وهو جالس - يا عمر! "، فقال عمر: ألا يكون قد علمنا أنك رسول الله؟! والله إنك لرسول الله 3/ 138).
(وفي طريق رابعة عنه قال: كان بالمدينة يهودي، وكان يسلفني في تمري إلى الجذاذ (72)، وكانت لجابر الأرض التي بطريق رومة، فجلست (73)، فخلا عاما، فجاءني اليهودي عند الجذاذ، ولم أجد منها شيئا، فجعلت أستنظره إلى قابل، فيأبى، فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لأصحابه: "امشوا نستنظر لجابر من اليهودي"، فجاؤوني في نخلي، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلم اليهودي، فيقول: أبا القاسم! لا أنظره، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فطاف في النخل، ثم جاءه، فكلمه، فأبى، فقمت، فجئت بقليل رطب، فوضعته بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأكل (*)، ثم قال: "أين عريشك يا جابر! "، فأخبرته، فقال: "افرش لي فيه"، ففرشته، فدخل، فرقد، ثم استيقظ، فجئته بقبضة أخرى،
[فضحك]، فقال: "أخبر ذلك ابن الخطاب"، فذهب جابر إلى عمر، فأخبره، فقال له عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليباركن فيها، (وفي رواية: فقال: "ائت أبا بكر وعمر، فأخبرهما"، فقالا: لقد علمنا إذ صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع أن سيكون ذلك)، (وفي أخرى: ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس، فأخبرته بذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "اسمع- وهو جالس - يا عمر! "، فقال عمر: ألا يكون قد علمنا أنك رسول الله؟! والله إنك لرسول الله 3/ 138).
(وفي طريق رابعة عنه قال: كان بالمدينة يهودي، وكان يسلفني في تمري إلى الجذاذ (72)، وكانت لجابر الأرض التي بطريق رومة، فجلست (73)، فخلا عاما، فجاءني اليهودي عند الجذاذ، ولم أجد منها شيئا، فجعلت أستنظره إلى قابل، فيأبى، فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لأصحابه: "امشوا نستنظر لجابر من اليهودي"، فجاؤوني في نخلي، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلم اليهودي، فيقول: أبا القاسم! لا أنظره، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فطاف في النخل، ثم جاءه، فكلمه، فأبى، فقمت، فجئت بقليل رطب، فوضعته بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأكل (*)، ثم قال: "أين عريشك يا جابر! "، فأخبرته، فقال: "افرش لي فيه"، ففرشته، فدخل، فرقد، ثم استيقظ، فجئته بقبضة أخرى، فأكل منها، ثم قام، فكلم اليهودي، فأبى عليه، فقام في الرطاب في النخل الثانية ثم قال: "يا جابر! جذ واقض"، فوقف في الجداد، فجددت منها ما قضيته، وفضل منه، فخرجت حتى جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبشرته، فقال: "أشهد أني رسول الله" 6/ 211).
قال أبو عبد الله 3/ 199: (أغروا بي): يعني هيجوا بي، {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء}.
(عروش وعريش): بناء
الدَّينُ أمْرُه عَظيمٌ وشَأنُه خَطيرٌ على الإنسانِ؛ فإنَّه لا بُدَّ مِن سَدادِه، وإذا مات الإنسانُ فعلى وَلِيِّه ووارثِه أنْ يَقضِيَ عنه دُيونَه مِن تَرِكَتِه.
وفي هذا الحديثِ يَحكي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أباهُ عبدَ اللهِ بنَ حَرامٍ استُشهِدَ في غَزوة أُحُدٍ التي وَقَعَت في السَّنةِ الثَّالثةِ مِن الهجرةِ، وتَرَك سِتَّ بَناتٍ صغارٍ، وكان عليه دَينٌ، فتَكفَّلَ ابنُه جابرٌ بقَضاءِ دُيونِه عندَ حَصادِ النَّخلِ الذي هو غالبُ ثِمارِ المدينةِ، فلمَّا حضَرَ «جِدَادُ النَّخلِ»، وهو أوانُ قطْعِ ثَمرتِها مِن التَّمرِ، أتَى جابرٌ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذكَرَ له الحالَ التي هو عليها، وسَأَلَه أنْ يَحضُرَ عندَه في الوقتِ الذي يُوفِّي فيه للغُرماءِ دَينَهم -وكَانوا مِن اليهودِ-؛ رَجاءَ أنْ يُخفِّفوا عن جابرٍ الدَّينَ، وفي رِوايةٍ في البُخاريِّ طَلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الغُرماءِ أنْ يَضَعوا شَيئًا مِن الدَّين فَرَفَضوا، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اذهَبْ فَبَيْدِرْ كلَّ تَمرٍ على ناحيتِه»، أي: فاجعَلْ كلَّ صِنْفٍ في كُومةٍ واحدةٍ، ففَعَل جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه ذلك، ثمَّ دَعا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فحضَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا نَظَر الغُرماءُ إليه «أُغْرُوا بي»، أي: لَهِجُوا بي ولَجُّوا في مُطالَبتي، وأَلَحُّوا علِيَّ أنْ أُسدِّدَ لهم دَينَهم في هذا الوقتِ، فلمَّا رَأى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَصنَعونَ بجابرٍ رَضيَ اللهُ عنه، أَطافَ ودار حَولَ أَعظَمَ كُومةٍ ثَلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ جَلَس عليها ليَزيدَها بَرَكةً، ثمَّ أمَرَ جابرًا أنْ يَستدعِيَ غُرماءَ أبيه الذين لهمْ عليه دُيونٌ، فدَعاهُم جابرٌ، فما زال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَكِيلُ لهم مِن الكُومةِ نفْسِها التي يَجلِسُ عليه ولا يَكيلُ مِن غَيرِها، حتَّى أدَّى اللهُ دَينَ والدِ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، حتَّى أنَّ جابرًا رَضيَ اللهُ عنه كان يَتمنَّى ويَرْضى لو أنَّ التَّمْرَ كلَّه يُوفِّي حقَّ الغُرماءِ وأصحابِ الدُّيونِ، حتَّى ولو لمْ يَرجِعْ إلى أخواتِه السِّتِّ بتَمرةٍ، إلَّا أنَّ بَرَكةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أفاضَتِ التَّمرَ وكثَّرَتْه، حتَّى إنَّ التَّمْرَ بعْدَ وَفاءِ الغُرماءِ كأنَّه لم يَنقُصْ تَمرةً واحدةً.
وفي الحديثِ: عَلامةٌ مِن عَلامات نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: الحثُّ على سَداد الدَّينِ عن الميِّت.
وفيه: أنَّ دَينَ الوالدينِ المُتوفَّيينِ في رَقَبةِ أبنائِهم يُؤدُّنه عنهم.