باب فضل صلاة الفجر في جماعة
بطاقات دعوية
عن أبي موسى قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"أَعظمُ الناسِ أَجراً في الصلاةِ أَبعَدُهم فأبعدُهُمْ ممْشًى، والذي ينتظرُ الصلاةَ حتى يصَلِّيَها معَ الإمامِ، أَعظمُ أجراً من الذي يصَلي ثم ينامُ".
الأجْرُ على العِبادةِ مُرتبِطٌ بالإخلاصِ والمَشقَّةِ الحاصلةِ فيها، فكلَّما زادتِ المشقَّةُ وزاد الإخلاصُ زاد الأجرُ،
وفي هذا الحديثِ بيَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فضْلَ المشْيِ إلى المسجدِ مِن المكانِ البعيدِ، وفَضْلَ انتظارِ الصَّلاةِ فيه مع الإمامِ، فقال: أعظمُ النَّاسِ أجرًا في الصَّلاةِ أبعدُهم مَمْشًى، فذكَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ سَببَ أعظميَّةِ الأجرِ في الصَّلاةِ هو بُعدُ المَمْشى، أي: بُعدُ المسافةُ وكَثرةُ الخُطا؛ وذلك لوُجودِ المشقَّةِ فيه أكثَرَ مِن جارِ المسجدِ مع الصَّبرِ على الطاعةِ، فكلُّ صلاةٍ تُوجَدُ فيها المشقَّةُ مِن حيث بُعدُ المَمْشى فهي أعظَمُ أجرًا، وأفضلُ مِن الصَّلاةِ الَّتي لا يُوجَدُ فيها ذلك، وفي هذا ترغيبٌ وحضٌّ على إتيانِ الجَماعةِ وإنْ بَعُدَ المسجِدُ؛ ففي صحيحِ مُسلِمٍ أنَّ بَني سَلِمةَ لَمَّا أرادُوا مُجاورةَ مَسجِدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال لهم النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «يا بَني سَلِمةَ، دِيارَكم تُكتَبْ آثارُكم، دِيارَكم تُكتَبْ آثارُكم» ومعناه: الْزموا ديارَكم؛ فإنَّ ما تَخْطونَهُ إلى المسجِدِ يُكْتَبُ لكم به مزيدٌ مِن الأجْرِ بمزيدِ الخُطواتِ إلى المَسجِدِ.وكذلك الَّذي يَنتظِرُ الصَّلاةَ ليُصلِّيَها مع الإمامِ في جَماعةٍ أعظمُ أجْرًا مِن الَّذي يُصلِّيها مُنفرِدًا في أوَّلِ وَقتِها مُباشرةً ثمَّ يَنامُ، فكما أنَّ بُعدَ المكانِ مُؤثِّرٌ في زِيادةِ الأجرِ فكذلك طُولُ الزَّمانِ؛ لأنَّهما يَتضمَّنانِ زِيادةَ المَشقَّةِ الواقِعةِ.