باب فى إفراد الحج
حدثنا القعنبى عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبى الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- قالت خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر.
أنساك الحج ثلاثة: التمتع؛ وهو أن يحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج -وهي شوال وذو القعدة، وذو الحجة- ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه. والقران؛ وهو أن يحرم الحاج بالحج والعمرة معا. والإفراد؛ وهو أن يحرم الحاج بالحج فقط
وفي هذا الحديث بيان تلك الأنساك الثلاثة، حيث تروي عائشة رضي الله عنها أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، وسميت بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان كالمودع لهم في خطب الحج، ولم يلبث كثيرا بعدها، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة
فمن الناس من أهل بعمرة فقط، وهذا له أن يكتفي بعمرة فقط دون أن يحج، وإن كان قد نوى أن يحج بعد التحلل من العمرة، وهذا هو التمتع، حيث سيتمتع بالإحلال من العمرة –إذا لم يكن ساق الهدي معه- ثم يحرم بالحج يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة، ثم يأتي بأركان الحج، وعليه هدي للتمتع. ومنهم من أهل بحجة وعمرة جمع بينهما وهذا هو القران. ومنهم من أهل بالحج فقط، وهذا هو الإفراد، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا، ثم أدخل عليه العمرة، ولذلك فإن من أهل بالحج فقط أو جمع الحج والعمرة، وكان قد ساق معه الهدي وقلده -وتقليد البدنة أن يعلق في عنقها شيء ليعلم أنها هدي-؛ لم يحلوا من إحرامهم حتى كان يوم النحر في العاشر من ذي الحجة؛ لأنه أول وقت تحلل الحاج، وفيه ينحر الحاج هديه
وعمل القارن والمفرد واحد؛ فيكفي إحرام واحد، وطواف واحد، وسعي واحد، ولا يحل إلا يوم النحر، ويقتصر على أفعال الحج، وتندرج أفعال العمرة كلها في أفعال الحج، ويجب الهدي على القارن إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، فإن كان من حاضري المسجد الحرام فلا دم عليه
وقد بينت الروايات في الصحيحين أن من لم يسق الهدي معه قد تحلل بعد أداء عمرة، فيها طواف بالبيت، وسعي بين الصفا والمروة، ثم الحلق أو التقصير، والتحلل، ثم انتظروا حتى يوم التروية في الثامن من ذي الحجة، فأحرموا بالحج وأتموا نسكهم