باب فى النهى عن تهييج الترك والحبشة
حدثنا عيسى بن محمد الرملى حدثنا ضمرة عن السيبانى عن أبى سكينة - رجل من المحررين - عن رجل من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- أنه قال « دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم ».
التهييج الإثارة والترك بضم فسكون جيل من الناس والجمع الأتراك والواحد تركي كرومي والحبشة بالتحريك جيل من السودان معروف والواحد حبشي والحبش بن كوش بن حام بن نوح وهم مجاورون لأهل اليمن يقطع بينهم البحر قاله المناوي .
( عن السيباني ) : بفتح المهملة والموحدة بينهما تحتانية وسيبان بطن من حمير أبو زرعة الحمصي وثقه أحمد ودحيم كذا في الخلاصة ( عن أبي سكينة ) : بسين وكاف ونون مصغرا كذا ضبطه العلامة محمد طاهر في المغني ( من المحررين ) أي المعتقين ( دعوا الحبشة ) : أي اتركوا التعرض لابتدائهم بالقتال ( ما ودعوكم ) : بتخفيف الدال أي ما تركوكم .
قال الطيبي رحمه الله قيل قل ما يستعملون الماضي من ودع إلا ما روي في بعض الأشعار بقوله :
ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الحب حتى ودعه
ويحتمل أن يكون الحديث ما وادعوكم أي سالموكم فسقطت الألف من قلم بعض الرواة قال : ولا افتقار إلى هذا مع وروده في التنزيل في قوله تعالى : ما ودعك قرئ بالتخفيف كذا في شرح الجامع الصغير للعلقمي ( واتركوا الترك ما تركوكم ) : أي مدة تركهم لكم فلا تتعرضوا لهم إلا إن تعرضوا لكم
قال الخطابي : إن الجمع بين قوله تعالى : قاتلوا المشركين كافة وبين هذا الحديث أن الآية مطلقة والحديث مقيد فيحمل المطلق على المقيد ويجعل الحديث مخصصا لعموم الآية كما خص ذلك في حق المجوس فإنهم كفرة ومع ذلك أخذ منهم الجزية لقوله صلى الله عليه وسلم سنوا بهم سنة أهل الكتاب
قال الطيبي رحمه الله : ويحتمل أن تكون الآية ناسخة للحديث لضعف الإسلام . وأما تخصيص الحبشة والترك بالترك والودع فلأن بلاد الحبشة وغيرهم بين المسلمين وبينهم مهامه وقفار فلم يكلف المسلمين دخول ديارهم لكثرة التعب وعظمة المشقة وأما الترك فبأسهم شديد وبلادهم باردة والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارة فلم يكلفهم دخول البلاد ، فلهذين السرين خصصهم ، وأما إذا دخلوا بلاد المسلمين قهرا والعياذ بالله فلا يجوز لأحد ترك القتال لأن الجهاد في هذه الحالة فرض عين وفي الأولى فرض كفاية ذكره القاري
وقال : وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى حيث قال : ما تركوكم انتهى
قال المنذري : وأخرجه النسائي أتم منه . وأبو سكينة هذا روى حديثه يحيى بن أبي عمرو السيباني ولم أجد من رواه غيره ولا من سماه